والثاني: لا يصح منه العقد لأن إشارته محتمله وإذا أقيمت في حق نفسه لضرورة مقام نطق لم تدع الضرورة إلى ذلك في حق غيره فعلى هذا لا يصح منه التوكيل وجهًا واحدًا لأن المعنى في احتمال الإشارة موجودة في توكيله لوجوده في عقده فلم يصحا منه والله أعلم.
فرع:
فأما إن كان الولي عدوًا للزوجة أو الزوج أو لهما فهو على ولايته وعقده صحيح بخلاف الشهود في أحد الوجهين لأن المقصود من الولي مباشرة العقد ومن الشهود الأداء, والعداوة تمنع من الأداء ولا تمنع من العقد, فإن قيل: فإذا كان عدوًا لهما وضعهما في غير كفء قيل: رشده وما يخافه من لحوق العار به يمنع هذا التوهم.
فرع:
فإن كان الولي محجورًا عليه بالفلس, فإن قيل: إن حجره جاري مجرى المرض كان على ولايته, وإن قيل: إنه يجري مجرى حجر السفه ففي ولايته وجهان:
أحدهما: لا ولاية له كالسفيه.
الثاني: وهو الأصح أنه على ولايته؛ لأن حجره وإن جرى مجرى السفه في ماله لم يجر مجراه في عدالته, والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "والشهود على العدل حتى يعلم الجرح يوم وقع النكاح".
قال في الحاوي: والعدالة المعتبرة في شهود النكاح عند عقده هي عدالة الظاهر, بخلاف الشهادة في إثبات الحقوق عند الحاكم التي يراعى فيها الظاهر والباطن, والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن في إثبات الحقوق عند الحكام خصمًا جاحدًا فاستكشف لأجله عن عدالة الباطن وليس في عقد النكاح هذا المعنى فلم تعتبر إلا عدالة الظاهر.
والثاني: أن الحاكم يقدر من استبرأ العدالة في الباطن ما لا يقدر عليه الزوجان فسقط اعتبار ذلك عنهما وإن لم يسقط عن الحاكم, وإذا كان ذلك فعدالة الظاهر اجتناب الكبائر والإقلال من الصغائر فإذا عقد الزوجان نكاحًا بشاهدين لم يخل حالهما من أربعة أقسام:
أحدهما: أن يكونا عدلين في الظاهر والباطن معقد النكاح بهما صحيح لعدالة ظاهرهما وإثباته عند الحكام جائز لعدالة باطنهما.