والنكاح مفسوخ من قبلها وقبل السيد".
قال في الحاوي: وهذه المسألة الثانية من ابتياعها لزوجها إن ابتاعته بألف في ذمتها, فالبيع صحيح لانعقاده بثمن معلوم, والنكاح قد بطل, لما ذكرنا من أن النكاح وملك اليمين لا يجتمعان لتنافي أحكامها, فأثبت أقواها, وإذا كان كذلك فلا يخلو حاله من أحد أمرين:
إما أن يكون الزوج قد دخل بها قبل ابتياعها له أو لم يدخل بها, فإن لم يكن دخل بها فصداقها قد سقط لانفساخ النكاح من جهتها قبل الدخول, وإذا سقط الصداق بطل ضمان السيد له؛ لأن الضمان فرع الأصل قد بريء منه المضمون فبريء الضامن منه وللسيد عليها الألف الذي اشترت به زوجها ولا مطالبة لها بصداقها.
فرع:
وإن كان قد دخل بها قبل ابتياعها له, فقد استقر لها الصداق كاملًا بالدخول على الزوج قد ملكته, فصار عبدًا لها, قيل تبرأ الزوج منه بحدوث ملكها أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: قد بريء منه؛ لأن السيد لا يصح أن يثبت له في ذمة عبده ماله, فعلى هذا قد بريء السيد من ضمانه لبراءة المضمون عنه, وللسيد مطالبتها بالألف الذي هو ثمن.
والثاني: أن الزوج لا يبرأ من صداقها وإن صار عبدًا لها, لاستقراره عليه قبل ملكها له, فلم يسقط إلا بأداء أو إبراء, وإن صار بها عبدًا, وإنما لا يثبت لها ابتداء في ذمته مال بعد أن صار لها عبدًا, فإما أن يكون الحق ثابتًا فلا يمتنع أن يكون بعد الملك باقيًا فعلى هذا لها على السيد الألف الذي هو صداقها, وللسيد عليها الألف التي هي ثمن زوجها, فإن كانت الألفان من نقدين مختلفين لم يصر قصاصًا, وكان عليها أن يؤدي إلى السيد الألف التي هي ثمن زوجها, وعلى السيد أن يؤدي إليها الألف التي هي صداقها. فإن قال كل واحد منهما: لا أدفع ما علي حتى أقبض مالي لم يكن ذلك له؛ لأنه لا تعلق لأحد المالين بالآخر, فأيهما بدأ بالمطالبة قضى له على صاحبه بالدفع, فإن تبرأ من الألفين صح الإبراء, فلو قال كل واحد منهما لصاحبه: قد أبرأتك إن أبرأتني لم يصح لما فيه من تقييد البراءة بشرط, ولو قال: قد أبرأتك فأبرئني فهو مبرئ من حق بغير شرط, فحصت براءته وطلب إلى الآخر أن يبرئه, وكان بالخيار بين أن يبرئه أو لا يبرئه, وإن كانت الألفان من نقد واحد لا يختلف فكانت الألف الثمن من جنس الألف الصداق وعلى صفتها, فهل يصير قصاصًا أم لا؟ على أربعة أقاويل:
أحدهما: أن يصير قصاصًا اختارا أو لم يختارا هذا, قد بريء كل واحد منهما من حق صاحبه.
والقول الثاني: أنه يصير قصاصًا إن اختارا أو أحدهما ولا تصير قصاصًا إن لم