من عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تخيروا لنطفكم وانكحوا الكفاء وانكحوا إليهم". روى محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثة لا تؤخرهم؛ الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا"، ولأن في نكاح غير الكفء عار يدخل على الزوجة والأولياء، وعضاضة تدخل على الأولاد يتعدى إليهم نقصًا فكان لها وللأولياء دفعة عنهم وعنها.
فصل
فإذا ثبت اعتبار الكفاءة فهي المساواة مأخوذة من كفتى الميزان لتكافئهما وهى معتبرة بشرائط نذكرها.
أصلها ما رواه سعيد بن أبى شعبة بن أبى شعبة عن أبيه عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها ودينها وجمالها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
يقال: ترب الرجل إذا افتقر وأترب إذا استغنى. وفي هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم له ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن تربت هاهنا بمعنى استغنت وإن كان في اللغة بمعنى افتقرت فتصير من أسماء الأضداد؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يدعو على من لم يخالف له أمرًا مع أن دعاءه مقرون بالإجابة.
والثاني: أن معناه تربت يداك إن لم تظفر بذات الدين؛ لأن من لم يظفر بذات الدين سلبت البركة فافتقرت يداه.
والثالث: أنها كلمة تخف على ألسنة العرب في خواتيم الكلام، ولا يريدون بها دعاء ولا دمًا، كقولهم: ما أشعره قاتله الله، وما أرماه شلت يداه. فإذا ثبت هذا فالشروط التي تعتبر بها الكفاءة سبعة وهى: الدين، والنسب، والحرية، والمكسب، والمال، والبشر، والسلامة من العيوب. وقال مالك: الكفاءة معتبرة بالدين وحدة. وقال ابن أبى ليلى: معتبرة بشرطين: الدين والنسب. وقال الثوري: هي معتبرة بثلاث شرائط ك الدين، والنسب، والمال، وهى إحدى الروايتين عن أبى حنيفة. وقال أبو يوسف: هي معتبرة بأربع شرائط: الدين، والنسب، والمال، والمكسب.
الراوية الثانية: عن أبى حنيفة ونحن ندل على كل شرط منها ونبين حكمه.
أما الشرط الأول: وهو الدين، فإن اختلافهما في الإسلام والكفر كان شرطاً معتبرًا