أمر بتعجيل الصلوات كانوا يصلونها ما بين الفجر الأول والفجر الثاني طلباً للأجر في تعجيلها ورغبة في الثواب، فقال لهم: صلوها بعد الفجر الثاني، وأصبحوا بها إذا كنتم تريدون الأجر، فإن ذلك أعظم للأجر، فإن قيل: كيف يقال هذا، والصلاة إذا لم تجز لم يكن فيها أجر؟ [٣٨ ب/ ٢] قلنا: لا جواز لها، ولكن أجرهم فيما نووه بالخطأ ثابث كقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا اجتهد الحاكم فأخطأ، فله أجر».
وقيل: الأمر بالإسفار إنما جاء في الليالي المقمرة. وذلك أن الصبح لا يتبين فيها جيداً، فأمرهم بزيادة التبيين استظهاراً باليقين في الصلاة، فإذا تقرر هذا يستحب أن يدخل فيها بغلس ويخرج منها بغلس. وهذا هو المذهب.
ومن أصحابنا من قال: يدخل فيها بغلس ويخرج منها بالإسفار جمعاً بين الأخبار، وهذا حسن. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن:«صلوا الفجر في الشتاء وتغلسوا بها، وأطيلوا القراءة على قدر ما تطيقون وإذا كان الصيف فأسفر فإن الليل قصير ليدركها النوام». وأما صلاة الظهر: يستحب تعجيلها في كل وقت لكل أحد إلا أن يشتد الحر، فيستحب أن يؤخرها عن أول وقتها باربع شرائط:
أحدها: أن يكون الرجل إمام القوم يصلي بهم جماعة.
والثاني: أن يكون في شدة الحر في الصيف.
والثالث: أن يكون في البلاد الحارة مثل الحجاز ونحوه.
أن تنتابها الجماعة ويحضرها من مكان بعيد، فإن اختل شرط من هذه الشرائط لا يستحب تأخيرها مثل أن يصلي وحده أو في جماعة في جوار المسجد، أو في زمان معتدل، أو في شدة الحر في البلاد الباردة، أو في مسجد يكون الطرق إليه في ظل أو كنين.
وقال في «البويطي»: القريب والبعيد فيه سواء لأن القريب يلحقه حر المسجد ويشق عليه ذلك. وقيل: الإبراد في حق من يصلي في بيته قولان:
أحدهما: يسن لعموم الخبر.
والثاني: لا يسن، لأنه لا مشقة، وهذا غريب. وإذا وجدت هذه الشرائط أخرها حتى تكسر شدة الحر ويتسع فيء الحيطان، ثم صلاها. قال الشافعي رحمه الله: