كالكفاءة؛ ولأن بعض المهر عاراً علي الأهل بجهرهم بكثيرة وإخفائهم لقليلة، فصار دخول العار عليهم في نقصانه كدخوله عليهم في نكاح غير كفؤ، فكان لهم رفع هذا العار عنهم بالمنع منه، ولأن في نقصان مهرها ضررا لاحقاً بنساء أهلها غير اعتبار مهر أمثالهن بها، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" لا ضرر ولا ضرار".
ودليلنا رواية عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه، أن امرأة تزوجت علي نعلين، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" أرضيت من نفسك ومالك بهاتين النعلين" قالت: نعم، فأجاز. ومن هذا الحديث دليلان:
أحدهما: أنه اعتبر رضاها به دون الأولياء.
والثاني: أنه لم يسأل هل ذلك مهر مثلها؛ فدل علي أن نفقات المهر رضا الأولياء غير معتبرين ولأن ما ملكت الإبراء منه ملكت تقديره كالأثمان. ولأن ما ثبت في الأثمان ثبت لها في المهور كالإبراء ولأن ثبوت الولاية عليها في بضع لا يوجب ثبوت الولاية عليها في بدل.
أصله: مهر أمثالها، ولأن لها منعتين: منفعة استخدام ومنفعة استمتاع، فلما لم يملك الأولياء الاعتراض عليها في الاستخدام إذا أجرت نفسها بأقل من أجره مثلها لم يملكوا الاعتراض في الاستمتاع إذا زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها. وتحريره قياساً: أنه أحد المنفعتين فلم يملك أولياؤها مع جواز أمرها الاعتراض عليها في بدله كالإجارة ولن وجوب المهر قد يكون تارة عن اختيار ومراضاة، وذلك في العقود، وتارة عن غير اختيار، ومراضاة ذلك في إصابة الشبهة وما شاكلة، فلما ملكت فحقيقة إذا وجب بغير اختيارها فأولي أن تملك بحقيقة إذا وجب باختيارها؛ لأنه مع الاختيار اخف ومع عدمه أغلظ، ولأن يلحق الأولياء من العار إذا نكحت بأخس الأموال جنساً كالنوى وقشور الرمان أكثر ما يلحقهم إذا نكحت بأقل المهور قدراً، فلما لم يكن للأولياء الاعتراض عليها في خسة الجنس لم يكن لهم الاعتراض عليها في نقصان القدر، فأما الجواب عن قوله صلي الله عليه وسلم:"أدوا العلائق" فهو أنه أمر الأزواج بأداء العلائق وقوله: "إن العلائق ما تراضي به الاهلون" يعني أهلي العلائق، وأهلوها هم الزوجات دون الأولياء؛ فكان الخبر دليلاً علي أبي حنيفة لا له. وأما قياسه علي البشع، فالجواب عنه أن الأولياء إنما ملكوا الاعتراض فيه لما فيه من نقص النسب. ودخول العار علي الأهل والولد، وليس في تخفيف المهر عار كما لم يكن في إسقاطه عار، وهو دليل الشافعي.
وهو جواب عن استدلال وأما الاستدلال بدخول الضرر علي نساء العصبات فلو كان لهذا المعني بمستحق الاعتراض فيه لا تستحقه النساء اللاتي يدخل عليهن الضرر دون