وروي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر» ومعنى الظهور هنا: الصعود. يقال: ظهرت على الشيء إذا علوته. ووجه الدليل أن حجرة عائشة كانت ضيقة الرقعة والفناء والشمس تتقلص عنها سريعاً، فلا يكون مصلياً للعصر قبل أن تصعد الشمس عنها، إلا وقد بكر بها.
وأما خبرهم رواه عبد الواحد بن رافع، وهو مطعون فيه. وقد روى الدارقطني بإسناده عن الأوزاعي عن ابن المجادي عن رافع بن خديج. قال:«كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، ثم ننحر الجزور فنقسمه ثم نطبخ فنأكل لحماً نضجاً قبل أن تغيب الشمس» فدل على ما قلنا.
وأما صلاة المغرب: فلا خلاف بين العلماء أنه يستحب تعجيلها.
والأصل فيه ما روى جابر رضي الله عنه، قال:«كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب ثم نخرج فنناضل حتى يخرج صوت بني سلمة فننظر إلى مواقع النبل من الإسفار». وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم».
وأما العشاء الآخرة: قال في «الإملاء» و «القديم»: «تعجيلها أولى»، وهو الصحيح لما روي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: أنا أعلمكم بوقت هذه الصلاة، صلاة عشاء الآخرة، «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة»، وهذا إخبار عن دوام فعله. [٤٠ ب/ ٢]
وقال في «الأم»: «تأخيرها أفضل». وبه قال أبو حنيفة لقوله صلى الله عليه وسلم:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء إلى ثلث الليل». وروي إلى نصف الليل. واختلف قوله في قدر التأخير لاختلاف الرواية. وروى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعتموا بهذه الصلاة، فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها