الزوج: أتزوجها فلا يصح العقد بقول الولي ولا بقول الزوج، لأن قول كل واحد منهما وعد بالعقد وليس بعقد ولو كان الزوج قال: قد تزوجتها صار قوله طلبًا وإن كان قول الولي وعدًا فإن عاد الولي فقال: قد زوجتكها صح العقد بالطلب والإيجاب. ولو بدأ الزوج فقال للولي: أتزوج بنتك فقال الولي: أزوجكها لم يصح العقد بقول واحد منهما، لأن قول كل واحد منهما وعد بالعقد وليس بعقد ولو كان الولي قال: قد زوجتكها صار قوله بذلًا فإن عاد الزوج. فقال: قد قبلت تزويجها صح العقد بالبذل والقبول. وهكذا إن دخل على اللفظ المستقبل حرف الاستفهام فقال الولي: أأزوجك بنتي؟ أو قال: أأتزوج بنتك؟ لم يصح العقد بواحد من اللفظين لأنه استفهام للوعد فكان أضعف من مجرد الوعد فإن تعقبه من أحدهما ما يكون بذلًا أو طلبًا روعي في مقابلة الطلب الإيجاب وفي مقابلة البذل القبول.
فرع:
وأما عقده بلفظ الأمر فمثاله: إن بدأ الولي أن يقول للزوج: تزوج بنتي فيقول الزوج: قد تزوجتها فلا يصح العقد حتى يعود الولي فيقول: قد زوجتكها ولو بدأ الزوج فقال للولي: زوجني بنتك فقال: قد زوجتكها صح العقد ولم يحتج الزوج أن يعيده فيه قولًا.
والفرق بين ما ابتدأ به الولي من لفظ الأمر أنه لا يصح به العقد، وبين ما ابتدأ به الزوج من لفظ الأمر أنه يصح به العقد أن المراعي من جهة الولي البذل أن ابتدأ والإيجاب إن أجاب وليس في أمره بذل ولا إيجاب فلم يصح به العقد. والمراعي من جهة الزوج والطلب إن ابتدأ والقبول إن أجاب. وأمره تضمن الطلب وإن لم يتضمن القبول فصح به العقد وتم بالطلب والإيجاب.
فصل:
فإذا صح ما ذكرنا من صفة العقد وكيفيته لتمامه وإبرامه شروط:
أحدهما: أن يكون قبول الزوج على الفور من بذل الولي فإن تراخي ما بينهما بسكوت وإن قيل لم يصح إلا أن يكون لبلع ريق أو انقطاع فيصبح العقد وإن تخللته هذه السكتة، لأنه لا يمكن الاحتراز منها.
والثاني: أن لا يكون بين الولي وقبول الزوج كلام ليس بذل ولا قبول، فإن تخلل بينهما كلام ليس منهما لم يصح العقد، لأن خروجهما إلى غيره من الكلام قطع لحكم ما تقدم. ولكن لو قال الولي: قد زوجتك بنتي فاقبل النكاح مني لم يكن هذا قطعًا لحكم بذله، لأنه حث منه على القبول. وهكذا لو قال: قد زوجتك بنتي فقل لي: قد قبلت نكاحها لم يكن قطعًا لحكم بذله، لأنه تفسير لقوله:"فاقبل النكاح مني" فأما إذا قال: قد زوجتك بنتي فأحسن إليها أو قال فاستوصى بها خيرًا كان هذا قطعًا لبذله، لأنها وصية لا