للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً والزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ) [النور: (٣)] فكان ما تقدم من المنع ولا تعقب من الترحيم نصاً لا يجوز خلافه ودليلنا قوله تعالى بعد ذكر المحرمات من ذوات الأنساب: {وأُحِلَّ لَكُم مَّا ورَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤].

فكان على عمومه في العفيفة والزانية.

وروى ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحرم الحرام الحلال" وهذا نص، ولأنه منتشر في الصحابة بالإجماع، روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وابن عمر، وابن عباس، وجابر, فروي عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنه قال: "إذا زنى رجل بامرأة لم يحرم عليه نكاحه".

وروي عن عمر رضي الله عنه أن رجلا تزوج امرأة وكان لها ابن عم من غيرها ولها بنت من غيره، ففجر الغلام بالجارية وظهر بها حمل فلما قدم عمر مكة رفع إليه فسألهما فاعترفا، فجلدهما عمر الحد وعرض أن يجمع بينهما فأبى الغلام.

وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان له أمة وعبد، فظهر بالأمة حمل، فاتهم بها الغلام، فسأله فأنكر، وكان للغلام أصبع زائدة، فقال له: إن أتت بولد له أصبع ذائدة جلدتك فقال: نعم، فوضعت ولدا له أصبع زائدة فجلده ثم زوجه بها.

وروي عن ابن عباس: أنه سئل أيتزوج الزاني بالزانية؟ فقال: نعم ولو مرق رجل من كرم عنبا لكان يحرم عليه أن يشتريه. فهذا قول من ذكرنا ولم يصح عن غيرهم خلافه فصار إجماعا فأما استدلالهم بالآية. فقد اختلف أهل التأويل فيها على ثلاثة أقاويل:

أحدهما: أنها نزلت مخصوصة في رجل من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول من بغايا الجاهلية من ذوات الروايات، وشرطت له أن تنفق عليه، فأنزل الله هذه الآية فيه، وهذا قول عبد الله بن عمرو ومجاهد.

والثاني: أن المراد بالآية أن الزاني لا يزني إلا بزانية ولا يزني فيها إلا زان وهذا قول ابن عباس.

والثالث: أن الولاية عامة في تحريم نكاح الزانية على العفيف ونكاح العفيفة على الزاني ثم نسخه قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} [النساء:٣] وهذا قول سعيد بن المسيب.

فصل:

وأما الفصل الثاني في زوجة الرجل إذا زنت عل ينفسخ نكاحها أم لا؟ فمذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>