للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناتها ويحرم على آبائه وأبنائه أم لا؟ والكلام في باب مفرد يأتي عن ذكره فيه.

والثاني: هل لما ذكرناه حرمة تجب بها العدة أم لا؟ فمذهب الشافعي: أنه لا حومة في وجوب العدة منه سواء كانت حاملا من الزنا أو حائلا وسواء كانت ذات زوج فيحل للزوج أن يطأها في الحال أو كانت خلية فيجوز للزاني وغيره أن يستأنف العقه عليها في الحال حاملا كانت أو حائلا غير أننا نكره له وطها في حال حملها حتى تضع.

وقال مالك وربيعة والثوري والأوزاعي وإسحاق: عليها العدة من وطء الزنا بالإقرار إن كانت حائلا ووضع الحمل إن كان حاملا فإن كانت ذات زوج حرم عليه وطئها حتى تنقضي عدتها بالإقرار أو بالحمل. وقال ابن شبرمة وأبو يوسف: إن كانت حاملا حرم نكاحها حتى تضع وان كانت حائلا لم يحرم نكاحها ولم تعتد.

وقال أبو حنيفة: لا يحرم نكاحها حاملا ولا حائلا لكن إن نكحها حاملا حرم عليه وطئها حتى تضع.

فأما مالك فاستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض".

وأما أبو يوسف فاستدل بقول الله تعالى: {وأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: (٤)].

وأما أبو حنيفة فاستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسق بمائك زرع غيرك" والدليل على جماعتهم حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحرم الحرام الحلال " وأن عمر حين جلد الغلام حرص أن يجمع بينهما من غير اعتبار عدة فأبى الغلام ولأن وجوب العدة من الماء إنما يكون لحرمته ولحوق النسب به ولا حرمة لهذا الماء تقضي لحوق النسب فلم تجب منه العدة, ولأنه لما انتفي عن الزنا سائر أحكام الوطء الحلال من المهر والنسب والإحسان والإحلال للزوج الأول انتفي عنه حكمه في العدة.

فأما استدلال مالك بقوله عليه السلام: ألا لا توطأ الحامل حتى تضع فهذا وارد في سبي أوطاس وكن منكوحات وللإماء حكم يخالف الحرائر في الاستبراء.

وأما استدلال أبي يوسف بقوله تعالى: {وأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦]. فالمراد به من الزوجات المطلقات بدليل ما في الآية من وجوب نفقاتهن وكسوتهن من قول: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وجْدِكُمْ ولا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وإن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>