يكون التحريم بالرضاعةً مقصوراً عليها كما قال داود وقوفًا على النص واحتمل أن يكون متعديًا عنهما إلى غيرهما كذوات الأنساب ولما روت عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"يحرم من الرضاعةً ما يحرم من الولادةً".
وروي غيرها عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" وجب إجراء الرضاع في التحريم على حكم النسب فيحرم بالرضاع سبع كما يحرم بالنسب الأمهات والبنات والأخوات والعمات والحالات وبنات الأخ وبنات الأخت.
وبيان ذلك أن المرأةً إذا أرضعت ولداً بلبن من زوج فالولد المرضع ابن لها وللزوج لأن اللبن حادث عنها بسبب ينتسب إلى الزوج فاقتضى أن يكون المرصع ابناً لها كالمولود منهما وإذا كان كذلك كانت المرضعةً أماً له وكان أمهاتها جداته من أم وآباؤها أجداده من أم وبناتها أخواتها من أم أخوتها أخواله من أم وأخواتها خالاته من أم وكان الزوج أباً له وآباؤه أجداده من أب وأمهاته جداته من أب، وبنوه إخوته من أب وإخوته من أب وأخواته أعمامه وأخواته عماته كذلك على ترتيب الأنساب فيكون على ما ذكرنا من الأحكام فتصير المحرمات بالرضاع سبعاً كما كان المحرمات بالأنساب سبعًا ويتنوع عليهن من ذكرنا من المفرعات على المناسبات فيكون أخت الأب من الرضاع عمته محرمةً سواء كانت أختًا من نسب أو رضاع وكذلك أخت الجد من الرضاع وآبائه محرمةً كالعمةً سواء كانت أختًا من نسب أو رضاع وهل يحرم باسم العمةً أو بمعناها على ما ذكرتا من الوجهين ويكون أخت الأم من الرضاع خالة محرمة سواء كانت أختا ينسب أو رضاع وكذلك أخت الجدةً وأمها كالخالةً في التحريم سواء كانت أختًا من نسب أو رضاع وهل يحرم باسم الخالةً أو بمعناها على ما مضى من الوجهين وعلى هذا يكون حكم سائر القرابات من الرضاع يحمل على حكم القرابات من النسب فلو وطئ الرجل أمه من الرضاع بعقد نكاح حن وإن كان بملك يمين فعلى قولين وفي الأم المناسبة يحذ قولًا واحدًا وإن كان ملكها؛ لأنها تعتق عليه بالملك فارتفعت شبهته بزوال الملك فحد، والأم المرضعةَ لا تعتق بالملك فكانت شبهته باقيةً مع بقاء الملك فلم يحد في أحد القولين وهكذا لو وطئ أخته من الرضاع أو خالته أو عمته من الرضاع بعقد حد وإن كان بملك يمين فعلى ضربين ما مضى من القولين والولد يلحق إذا كان وطئه لواحدةً من هؤلاء بملك يمين قولًا واحدًا.
فصل:
فإذا تقرر ما وصفناه من تحريم الرضاع بعدما قدمنا من التحريم بالنسب فقد مضى