والثاني: أن يكون قد دخل بأمها فوجب أن يعتبر في تحريمها.
ودليلنا هو أن علةُ التحريم هو ومع التنافس المؤدي إلى التقاطع والتباغض وليس للحجر في هذا المعنى تأثير فلم يكن له اعتبار؛ ولأن الحجر غير معتبر في الشرع في إباحةُ ولا حظر ألا تراه غير مؤثر في تحريم حلائل الأبناء ولا إباحةُ بنات العم فكذلك في الربائب وليس ذكر الحجر في الربائب شرطًا وإنما ذكر لأنه الأغلب من أحوال الربائب إنهن في حجر أزواج الأمهات نمار ذكره تغليبًا للصفةً لا شرطًا في الحكم كما قال الله تعالى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرةَ: (١٨٧)] والصائم لا يجوز له وطء زوجته وإن كانت في غير مسجد وإنما ذكر المسجد على طريق الأغلب من أحواله.
فصل:
فأما قول الشافعي:"ولم تحل له أمها لأنها مبهمة" ففيه قولان:
أحدهما: يعني مرسلةَ بغير شرط وقد روي عن ابن عباس أنه قال فيها: أبهموا ما أبهم القران.
والثاني: أن المبهمةً المحرمةً في كل أحوالها فلا يكون لها إلا حكم واحد من قولهم فرس بهم إذا لم يكن فيه شيةَ تخالف شيةَ وكان بعض أهل اللغةَ يذهب إلى تأويل ثالث: هو أن المبهمةً المشكلة؛ وهذا ليس بصحيح لأن حكم الأم غير مشكل.
قال في الحاوي: أعلم أن كل ما حرم عليه بالعقد على الزوجة حرم بوطء الأمةً لا بملكها لأن الأمةَ لا تصير فراشًا إلا بالوطء دون الملك فإذا ملك أمةً لم يتعلق بملكها تحريم أحد من ذوي أنسابها فلم يحرم على أحد من ذوي أنساب سيدها فإذا وطئها تعلق بوطئها تحريم المصاهرةً كما تعلق بالعقد على الزوجةً فيحرم عليه أمها وأمهات أمها من آبائها وإن علون ويحرم عليه بناتها وبنات أولادها وإن سفلن. ويحرم على ابنه وحده وإن علا وعلى ابنه وابن ابنه وإن سفل وهذا التحريم في هذه الوجوه الأربعةً مؤبد ويحرم عليه أختها وخالتها وعمتها وبنت أخيها وبنت أختها وهذا التحريم في هؤلاء الخمس تحريم الجمع لا تحريم تأبيد ما كان على استمتاعه بأمته حرمها على نفسه بأحد ما قدمناه ذكره من الأشياء الخمسةً من بيع أو هبةً، أو تزويج، أو عتق، أو كتابة حل له حينئذٍ من شاء من هؤلاء الخمس اللاتي حرمن عليه تحريم جمع أن يستبيحها بعقد نكاح أو ملك يمين وإن استباحها قبل تحريم الأولى، فإن كان بعقد نكاح كان باطلًا وحدّ إن وطئها عالمًا وإن