(يستطع) منكم طولًا وطء حرة لعدمها تحته حل له نكاح أمة وكذا يقول، فعن هذا ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن النكاح عندنا حقيقة في العقد دون الوطء وهكذا كل موضع ذكر الله تعالى النكاح في كتابه فالمراد به العقد دون الوطء وكذلك هنا هنا.
والثاني: أن الطول بالمال معتبر في العقد دون الوطء فكان حمل النكاح على العقد الذي يعتبر فيه الطول أولى من حمله على الوطء الذي لا يعتبر فيه الطول أولى.
والثالث: أن حمله على الوطء يسقط اشتراط العنت وحمله على العقد لا يسقطه فكان حمله على العقد الذي يجمع فيه بين شرطيه أولى من حمله على الوطء الذي يسقط أحد شرطيه.
فإن قالوا: فيحمل قوله: {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء:٢٥] على وطئها بملك اليمين لا بعقد النكاح فالجواب عن هذا أن في سياق الآية ما يدل على بطلان هذا التأويل من ثلاثة أوجه:
أحدهما: قوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}[النساء:٢٥] وليس عد الطول شرطًا في وطء الأمة بملك اليمين.
والثالث: وليس خوف العنت شرطًا في وطئها بملك اليمين فبطل هذا التأويل وصح الاستدلال بالآية.
ومن طريق الإجماع أنه مروى عن ابن عباس وجابر أما ابن عباس فروى عنه البراء وطاوس أنه قال: من ملك ثلاثمائة درهم وجب عليه الحج وحرم عليه الإماء.
وأما جابر فروي عنه أبو الزبير أنه قال:"من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة" وليس يعرف لقول هذين الصحابيين مع انتشاره في الصحابة مخالف فكان إجماعًا لا يجوز خلافه.
ومن طريق القياس: أنه مستغن عن نكاح أمة فلم يجز له نكاحها قياسًا على من تحته حرة وإن ثبت أن تقول منعن عن استرقاق ولده قياسًا على هذا الأصل. وتقول حرة من العنت قادر على وطء حرة قياسًا على هذا الأصل. أو تقول حرًا من العنت قياسًا على هذا الأصل فتعلله بما شئت من أحد هذه الأوصاف الأربعة والوصف الأخير أشدها ولأن من قدر على قيمة المبدل الكامل كان كمن قدر عليه في تحريم الانتقال إلى المبدل الناقص كالانتقال في الطهارة ومن الماء إلى التراب وفي الكفارة من الرقية إلى الصيام ولأنه لو جمع في العقد الواحد بين حرة وأمة. بطل نكاح الأمة فكذلك إذا أفردها بالعقد مع قدرته على الحرة. وتحريره: أن كل امرأتين لو جمع بينهما في العقد بطل نكاح إحداهما ووجب إذا أفردت بالعقد أن تبطل نكاحها كالأخت مع الأجنبية وكالمعتدة مع الخلية ولأن من تحته حرة هو ممنوع عن نكاح أمة. وليس يخلو حال منعه من أربعة.