يوجب فساد باقيه لأن العقد الواحد حكم واحد وللعقدين حكمان.
والثاني: وهو قول البصريين أنه وجه فساده أنه في النكاح والخمر بدينار قد جمع في العقد الواحد بين نكاح وبيع يختلف حكمهما والشافعي قد اختلف قوله في العقد الواحد إذا جمع شيئين مختلفي الحكم، كبيع وإجارة، أو رهن وهبة فله قولان:
أحدهما: أنهما باطلان: يجمع العقد الواحد بين مختلفي الحكم.
والثاني: أنهما جائزان لجواز كل واحد منهما على الانفراد، فلم يجز أن يحتج بما يصح العقد فيهما على صحة ما يبطل العقد في أحدهما، والله أعلم.
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا تزوج الحر أمة على الشرائط المبيحة ثم ارتفعت الشرائط بعد العقد بأن أمن العنت بعد خوفه أو وجده الطول بعد عدمه أو نكح حرة إن لم يكن فنكاح الأمة على صحة ثبوته.
وقال المزني: إن أمن العنت لم يبطل نكاح الأمة، وإن وجد الطول أو نكح حرة بطل نكاح الأمة استدلالًا بقول الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٢٥] فجعل عدم الطول شرطًا في إباحة الأمة ابتداء فوجب أن يكون شرطًا في أباحتها بانتهاء. قال: ولأن زوال علة الحكم موجب لزواله والعلة في نكاح الأمة عدم الطول فوجب أن يكون وجوده موجبًا لبطلان نكاحها وهذا خطأ لقول الله تعالى:
{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ}[النور: ٣٢] فندب إلى النكاح لأنه قد يفضى إلى الغنى بعد الفقر فلم يجز أن يكون الغنى الموعود به في النكاح موجبًا لبطلان النكاح ولا عدم الطول شرطًا في نكاح الأمة كما أن خوف العنت شرطًا في نكاحها فلما لم يبطل نكاحها إذا زال العنت لم يبطل إذا وجد الطول. ولأن الطول بالمال غير مراد للبقاء والاستدامة لأنه يراد للاتفاق لا للبقاء وما يراد للبقاء إذا كان شرطًا في ابتداء العقد لم يكن شرطًا في استدامته كالإحرام والعدة بالعقد لم يبطل ولما كانت الردة والرضاع يردان للاستدامة لأن الردة دين يعتق المرتد للدوام وكان ذلك شرطًا في الابتداء والاستدامة كذلك المال لما لم يرد للاستدامة وجب أن يكون شرطًا في الابتداء دون الاستدامة كالإحرام والعدة.
فأما استدلال المزني بالآية فيقتضى كون ما تضمنها من الشرط في ابتداء العقد دون استدامته وما ذكره من الاستدلال بأن زوال العلة موجب لزوال حكمها فاسد بخوف العنت.