فأما الصحيح منها فهو أن يتزوج الكافر الكافرة بولي وشاهدين بلفظ النكاح وليس بينهما نسب يوجب التحريم فهذا النكاح صحيح فإذا أسلموا عليه أقروا وهو الذي أراده الشافعي بالصحة. فأما الباطل منها فهو أن يتزوج في الشرك بمن تحرم عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة فهذا النكاح باطل فإذا أسلموا عليه لم يقروا وكذلك لو نكحها بخيار مؤبد وهذا الذي أراده الشافعي بأنه باطل. وأما المعفو عنه: فهو أن يتزوج من لا تحرم عليه بنسب ولا رضاع ولا مصاهرة بما يرونه نكاحًا من غير ولي ولا شهود ولا بلفظ نكاح ولا تزويج فهذا معفو عنه. فإذا أسلموا قروا عليه لأن رسول الله صَلَى الله عليه وسلم لم يكشف عن مناكح من أسلم من المشركين وهو الذي أراده الشافعي بأنه معفو عنه والله أعلم.
فصل:
فإذا تقرر جواز مناكحهم فلهم إذا حدث بينهم إسلام حالتان:
أحدهما: أن يسلم الزوجان معًا.
والثانية: أن يسلم أحدهما فإن أسلم الزوجان معًا فإن يكن للزوج أكثر من أربع زوجات بأن كان له أربع فما دون وأسلمن كلهن معه في حالة واحدة ثبت نكاحهن كلهن سواء كان إسلامه وإسلامهن قبل الدخول أو بعده وإن كان له خمس زوجات فما زاد وقد أسلم جميعهن بإسلامه كان له أن يختار من جملتهن أربعًا سواء نكحهن جميعهن في الشرك في عقد واحد أو في عقود وسواء أمسك الأوائل والأواخر وينفسخ نكاح البواقي بغير طلاق وبمثل قولنا قال مالك ومحمد بن الحسن وأبو ثور إلا أن مالكًا قال: لا ينفسخ نكاح البواقي بعد الأربع إلا بطلاق وهكذا لو نكح في الشرك أختين ثم أسلمتا معًا أمسك أيتهما شاء وانفسخ نكاح الأخرى بغير طلاق عندنا وبطلاق عند مالك.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا اعتبار بخياره وإنما الاعتبار بعقده فإنه تزوج في الشرك عشرًا في عقد واحد ثم أسلمن معه بطل نكاح جميعهن فإن تزوجهن في عقود ثبت نكاح الأربع الأوائل وبطل نكاح من بعدهن من الأواخر اعتبارًا بنكاح المسلم وهكذا لو أنكح أختين أسلمتا معه نظر فإن كان من نكحهما في عقد واحد بطل نكاحهما وإن كان في عقدين ثبت نكاح الأولى منهما وبطل نكاح الثانية.
وقال الأوزاعي: إن نكحهن في عقود ثبت نكاح الأربع الأوائل وإن نكحهن في عقد واحد لم يبطل نكاحهن واختار منهن أربعًا واستدل أبي حنيفة بما روي أن النبي صَلَى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمين فقال له: "أدعهم إلى الشهادة أن لا إلاه إلا الله فإن أجابوك أعلمهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين" ثم ثبت أن المسلم لو نكح خمسًا في عقد بطل نكاحهن ولو نكحهن في عقود ثبت نكاح الأربع الأوائل وبطل نكاح من بعدهن من الأواخر كذلك نكاح المشرك إذا أسلم.