ثم قال:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢] أي ينقطع دمهن فإذا تطهرن فيه تأويلان:
أحدهما: فإذا انقطع دمهن، وهذا تأويل أبي حنيفة.
والثاني: فإذا تطهرن بالماء، وهذا تأويل الشافعي وأكثر الفقهاء والمفسرين. {فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}[البقرة: ٢٢٢] فيه تأويلان:
أحدهما: في القبل الذي نهى عنه في حال الحيض، وهذا تأويل ابن عباس.
والثاني: من قبل طهرنّ لا من قبل حيضهنّ، وهذا تأويل عكرمة وقتادة. فصار تحريم وطء الحائض من القبل نصًا وإجماعًا؛ لأنه لم يعرف فيه خلاف أحد، فلو استحل رجل وطء حائض مع علمه بالنص والإجماع كان كافرًا، ولو فعله مع العلم بتحريمه كان فاسقًا.
فصل:
فأما الاستمتاع بما دون الفرج منها فيجوز أن يستمتع بما فوق الصرة ودون الركبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يستمتع من الحائض بما فوق الإزار».
وأما الاستمتاع بما بين الصرة والركبة إذا عدل عن الفرجين ففيه وجهان:
أحدهما: أنه حرام وهو قول أبي حنيفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح الاستمتاع منها بما فوق الإزار، وما ين السرة والركبة هو مما تحت الإزار، وليس مما فوقه فدل على تحريمه.
والثاني: أنه مباح.
وبه قال مالك، ومن أصحابنا: أبو علي بن خيران، وأبو إسحاق المروزي؛ لأن تحريم وطء الحائض لأجل الأذى فوجب أن يكون مقصورًا على ما كان الأذى وهو الفرج دون غيره.
وروي أن عمر- رضي الله عنه- سئل عن ذلك فقال: إذا توقى الجحرين فلا بأس ويكون قوله صلى الله عليه وسلم: «يستمتع من الحائض بما فوق الإزار» محمولًا على ما دون الفرج ويكون الإزار كناية عن الفرج لأنه محل الإزار كما قال الشاعر: