الرسول بخلاف مذهبي فاتركوا مذهبي فإن ذلك مذهبي وقد فعل أصحابنا مثل ذلك في التصويت في الصلاة الوسطى.
والثاني: وهو قول أبي العباس بن سريج- أنه يكون محمولًا على الاستحباب دون الوجوب لأن الزنا والوطء في الدبر أغلظ تحريمًا ولا كفارة فيه؛ فلأن لا يكون في وطء الحائض كفارة أولى، ولأن كفارة الوطء، إنما تجب بما تعلق به من إفساده عبادة كالحج والصيام وليس فيه كفارة إذا لم يتعلق به إفساد عبادة، وقد روي أن رجلًا قال لأبي بكر رضي الله عنه: رأيت في منامي كأنني أبول الدم فقال: لعلك تطأ امرأتك حائضًا، قال: نعم، قال: استغفر الله ولا تعد، ولم يلزمه كفارة، فأما المستحاضة فلا يحرم وطئها لأنها كالطاهرة فيما يحل ويحرم، ولأن دم الاستحاضة رقيق وهو دم عرق قليل الأذى وليس كدم الحيض في ثخنه ونتنه وأذاه، والله أعلم.
قال في الحاوي: فأما الإماء فلا قسم لهن على السيد، فإذا أراد وطئهن في يوم واحد جاز، ويستحب أن يغتسل بعد وطء كل واحدة منهن لما فيه من تعجيل فرض وتكرار وطاعة ونشاط نفس، فإن لم يغتسل توضأ عند وطء كل واحدة منهن، وأنكر أبو داود ما أمر به الشافعي من الوضوء؛ لأنه مع بقاء الجنابة غير مؤثر في الطهارة وما لا تأثير له كان فعله عبثًا، وهذا إنكار مستقبح وقول مسترذل واعتراض على السنة.
روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ» وقال لعمر بن الخطاب: «وإذا جامعت ثم أردت المعاودة فتوضأ».
وقال عمر: يا رسول الله: أيرقد أحدنا وهو جنب قال: «نعم إذا توضأ» فأمر بالوضوء وإن لم يرفع حدثًا، فإن لم يتوضأ عند وطء كل واحدة فيستحب أن يغسل ذكره بعد وطئها؛ لأنه مأثور ومسنون، ولأن فيه نشاط النفس ونهوضًا للشهوة، فإن لم يغتسل ولا توضأ ولا غسل ذكره ووطء جميعهن واحدة بعد الأخرى حتى أتى جميعهن جاز، واغتسل لهن غسلًا واحدًا.