فقالت إن زوجها يأتيها وهي مدبرة فقال صلى الله عليه وسلم:"لا بأس إذا كان في حمام واحد".
وروى الشافعي عن جابر بن عبد الله أن اليهود كانت تقول: من أتى امرأة في قبلها من دبرها جاء ولده أحول فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة: ٢٢٣]. وأن رجًلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"في أي الحرزتين أو في الخرزتين أو في أي الحصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها؟ فلا إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن" ولأن إجماع الصحابة روى ذلك عن على بن أبي طالب. وعبدالله بن عباس وابن مسعود وأبي الدرداء أما علي سئل عنه فقال:{أَتَاتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[الأعراف: ٨٠] وأما ابن عباس فسأله رجل عنه فقال: هذا يسألني عن الكفر. وأما ابن مسعود وأبو الدرداء فغلظا فيه وحرماه وليس لمن ذكرنا من الصحابة وخالف فصار إجماعًا.
فإن قيل: فقد خالفهم ابن عمر قيل: قد روى عنه ابنه سالم خلافه وأنكر على نافع ما رواه عنه. وقال الحسن بن عثمان لنافع أنت رجل أعجمي إنما قال ابن عمر من دبرها في قبلها فصحفت وقلت: في دبرها فأهلكت النساء. ومن طريق القياس أنه إتيان فوجب أن يكون محرمًا كاللواط ولأنه أذى معتاد فوجب أن يحرم الإصابة فيه كالحيض ولا يدخل عليه وطء المستحاضة لأنه نادر.
فأما الاستدلال بقوله تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} فقد روى جابر أن سبب نزولها ما ذكرته اليهود: أن من أتى امرأة من دبرها في قبلها جاء ولده أحول.
وقال ابن عباس: وهم ابن عمر في ذلك إنما نزلت بمن وطء في الفرج من خلفها وحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم على أنه سبب نزولها أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسوا يومًا مع قوم من اليهود فجعل بعضهم يقول: إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة ويقول الآخر إني لآتيها وهي قائمة ويقول الآخر إني لآتيها وهي على جنبها ويقول الآخر: إني لآتيها وهي باركة فقال اليهودي: ما أنتم إلا أمثال البهائم، فأنزل الله تعالى هذه الآية على أن قوله {حَرْثٌ لَكُمْ} والحرث هو من مزرع الأولاد في القبل دليل على أن الإباحة توجهت إليه دون الدبر الذي ليس بموضع حرث ولا من مزدرع لذلك وأما قوله تعالى: {أَتَاتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ (١٦٦)} [الشعراء: ١٦٥ - ١٦٦] فمعناه أتأتون المحظور من الذكران وتذرون المباح من فروج النساء وقوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ}[البقرة: ١٨٧] فيه تأويلان: