للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: نص عليه في الجديد من "الأم" وهو الأصح - أن النكاح باطل لأنه باشتراط الطلاق مؤقت والنكاح ما تأبد ولم يتوقف وبهذا المعنى فرقنا بين أن يشترط فيه أن لا يطلقها فيصح لأنه مؤبد وإذا شرط أن يطلقها لم يصح لأنه مؤقت.

والقسم الثالث: أنه يشترط ذلك عليه قبل العقد ويتزوجها مطلقًا من غير شرط لكنه ينوي ويعتقده. فالنكاح صحيح لخلو عقده من شرط يفسده وهو مكروه لأنه نوى فيه ما لو أظهره أفسده ولا يفسد بالنية لأنه قد ينوي ما لا يفعل ويفعل ما لا ينوي وأبطله مالك وقال: هو نكاح محلل وحكى أبو إسحاق المروزي عن أبي حنيفه أنه استحبه لأنه قد تصير الأول بإحلالها له وكلا المذهبين خطأ بل هو صحيح بخلاف قول مالك ومكروه بخلاف استحباب أبي حنيفة لما رواه الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن سيرين: أن امرأة طلقها زوجها ثلاثًا وكان يقعد على باب المسجد أعرابي مسكين فجاءته امرأة فقالت له: هل لك في امرأة تنكحها فتبيت معها الليلة فإذا أصبحت فارقتها قال: نعم ومضى فتزوجها وبات معها ليلة فقالت له: سيقولون لك إذا أصبحت فارقها لا تفعل فإني مقيمة لك ما ترى واذهب إلى عمر فلما أصبح أتوه وأتوها فقالت لهم: كلموه, فأنتم أتيتم به, فقالوا له: فارقها فقال: لا أفعل امض إلى عمر فأخبره. فقال له: الزم زوجتك فإن رابوك بريبة فأتني وبعث عمر إلى المرأة التي مشت لذلك فنكل بها. وكان الأعرابي يغدو ويروح إلى عمر في حلة فيقول له عمر: الحمد لله الذي كساك يا ذا الرقعتين حلة تغدو فيها وتروح. فقد أمضى عمر النكاح: فبطل به قول مالك في فساده وكل عمر بالمرأة التي شت فيه فدل على كراهته وفساد ما حكي عن أبي حنيفة من استحبابه.

فصل:

فإذا تقرر ما ذكرنا من أقسام نكاح المحلل فإن قلنا بصحته تعلق به أحكام النكاح الصحيح من ثبوت الحصانة ووجوب النفقة وأن يكون مخيرًا فيه بين المقام أو الطلاق فإن طلق بعد الإصابة التامة فقد أحلها للزوج الأول فأما المهر فإن لم يتضمن العقد شرط يؤثر فيه فالمسمى هو المستحق, وإن تضمن شرطًا يؤثر فيه كان المستحق مهر المثل دون المسمى وإن قلنا بفساد العقد وإنه باطل فلا حدّ عليه فيه لأجل الشبهة لكن يعزز لإقدامه على منهي عنه ولا يثبت بالإصابة فيه حصانة ولا يستحق فيه نفقة ويجب فيه بالإصابة مهر المثل وهل يحلها للزوج إذا ذاقت عسيلته وذاق عسيلتها أم لا؟ على قولين:

أحدهما: وهو قوله في القديم: أنه يحلها للأول واختلف أصحابنا في تعليله فقال بعضهم: ذوق العسيلة في شبهة النكاح تجري عليه حكم الصحيح من النكاح.

وقال آخرون: اختصاصه باسم المحلل موجب لاختصاصه بحكم التعليل فعلى التعليل الأول تحل الإصابة في كل نكاح فاسد من شعار ومتعة وبغير ولي ولا شهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>