للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى العدتين وإذا كان كذلك فلها بعد عتقها ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يختار الفسخ.

والثاني: أن يختار المقام.

والثالث: أن تمسك فلا تختار الفسخ ولا المقام فإن اختارت الفسخ كان ذلك لها وهل للزوج أن يرجع بعد الفسخ أم لا؟ على وجهين:

أحدهما: له الرجعة لأنه قد ملك الرجعة بطلاقة.

والثاني: لا رجعة له لأن الرجعة تراد للاستباحة والفسخ قد منع منها فلم يكن للرجعة تأثير فعلي هذا إن قلنا: إنه لا رجعة له كان تأثير الفسخ إسقاط الرجعة لا وقوع الفرقة لأن الفرقة وقعت بالطلاق دون الفسخ وأول عدتها من يوم الطلاق في الرق وقد صارت في تضاعيفها حرة فتكون عدتها على ما مضى من القولين:

أحدهما: عدة أمة اعتبارًا بالابتداء.

والثاني: عدة حرة اعتبارًا بالانتهاء.

وإن قيل: له الرجعة فعلى هذا لا يخلو من أحد أمرين. إما أن يراجع أو لا يراجع فإن لم يراجع وقعت الفرقة بالطلاق دون الفسخ وفي عدتها قولان على ما مضى وإن راجع وقعت الفرقة بالفسخ دون الطلاق وأول عدتها من وقت الفسخ وهي عدة حرة لأنها بدأت بها وهي حرة وإن اختارت المقام فلا تأثير لهذا الاختيار لأن جريانها في الفسخ يمنع من استقرار حكم الرضى.

وقال أبو حنيفة: قد بطل خيارها بالرضى وليس لها بعد الرجعة أن تفسخ لأن أحكام الزوجية جارية عليها في حق نفسها إن رضيت وهذا خطأ؛ لأن الجارية في عدة الفرقة لا يلزمها حكم الرضى إذا أعتقت كما لو ارتد وقال: أنت بائن فإن أبا حنيفة يوافق فيهما أن الرضى غير مؤثر فعلى هذا الزوج أن يراجع لا يخلف فإن لم يراجع وقعت الفرقة بالطلاق وكان في عدتها قولان: وإن راجع عادت بالرجعة إلى الزوجية فتكون حينئذٍ بالخيار بين الفسخ والمقام لأن ذلك الرضى لما كان في غير محله سقط حكمه فإن اختارت المقام كان على الزوجية وإن اختارت الفسخ استأنفت عدة حرة من وقت الفسخ وإن لم يكن لها وقت العتق اختيار المقام ولا الفسخ فهو على ما ذكرنا من أن الزوج أن يراجع فإن لم يفعل حتى مضت العدة وقعت الفرقة وفي عدتها قولان وإن راجع كانت حينئذٍ بالخيار فإن فسخت استأنفت من وقت الفسخ عدة حرة.

فصل:

فأما إذا كان العبد قد طلقها اثنتين فقد استوفي ما ملكه من طلاقها فإن أعتقت في العدة لم يكن لها الفسخ لأنها مبتوتة بالطلاق فصارت بائنًا وهكذا لو خالعها على طلقة واحدة لم يكن لها الفسخ إذا أعتقت لأنها بالخلع مبتوتة وإن بقي لها من الطلاق واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>