أحدها: لئلا يتشبه بالموهوبة التي تختص برسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره من أمته.
والثاني: لما فيه من قطع المشاجرة والتنازع إلى الحكام.
والثالث: ليكون ملحقًا بسائر العقود التي تستحق فيها المعاوضات والله أعلم.
القول في النكاح إذا كان بمهر مجهول حرام.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولِ أَوْ بِحَرَامٍ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا عقد النكاح بمهر مجهول أو حرام كان النكاح جائزًا ولها مهر مثلها وهو قول جمهور العلماء.
وقال مالك في أشهر الروايتين عنه: إن النكاح باطل بالمهر الفاسد وإن صح بغير مهر مسمى.
استدلالًا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن النكاح الشغار لفساد المهر فيه، قال: ولأن عقد نكاح بمهر فاسد فوجب أن يكون باطلًا كالشغار ولأنه عقد معاوضة ببدل فاسد فوجب أن يكون باطلًا كالبيع.
قال: ولئن صح النكاح بغير مهر فلا يمتنع أن يبطل بفساد المهر كما يصح البيع بغير أجل وغير خيار ويبطل بفساد الأجل وفساد الخيار.
ودليلنا رواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل" فتضمن هذا الخبر نفي النكاح بعدم الولي والشاهدين وإثبات النكاح بوجود الولي والشاهدين وهذا نكاح بولي وشاهدين توجب أن يكون صحيحًا.
ولأن فساد المهر لا يوجب فساد العقد كالمهر المغصوب ولأن كل نكاح صح بالمهر الصحيح صح بالمهر الفاسد كما لو أصدقها عبدًا فبان حرًا.
قال الشافعي: ولأنه ليس في فساد المهر أكثر من سقوطه وليس في سقوطه أكثر من فقد ذكره ولو فقد ذكره لم يبطل النكاح فكذلك إذا ذكر فاسدًا.
وتحريره قياسًا: أن كل ما تعلق بالمهر لم يؤثر في صحة النكاح قياسًا على تركه.
فأما الجواب عن نكاح الشغار: فهو أنه لم يبطل بفساد المهر وإنما بطل بالتشريك على ما بيننا.
وأما قياسه على البيع: فالمعنى فيه أنه يبطل يترك الثمن فبطل بفساده والنكاح لا يبطل بترك المهر فلم يبطل بفساده.
وأما استدلاله بأن البيع يبطل بفساد الخيار والأجل ولا يبطل بتركهما.