وروى قتادة عن عبد الله بن المؤمل عن جابر قال: إنا كنا لننكح المرأة على الحفنة أو الحفنتين من دقيق!
وروى قتادة عن أنس بن مالك قال: تزوج عبد الرحمن بن عوف امرأة من الأنصار على وزن نواة من ذهب قومت ثلاثة دراهم وهذه كلها نصوص لا يجوز خلافها.
ويدل عليه من طريق القياس: هو أن كل ما صلح أن يكون ثمنًا صلح أن يكون مهرًا كالعشرة ولأنه عند ثبت فيه العشرة عوضًا فصح أن يصبت دونها عوضًا كالبيع ولأنه عوض على على إحدى منفعتيها فلم يتقدر قياسًا على أجرة منافعها ولأن ما يقابل البضع من البدل لا يتقدر في الشرع كالخلع ولأن كل عوض لا يتقدر أكثر لا يتقدر أقله قياسًا على جميع الأعواض ولا يدخل عليه الجزية لأنها ليست عوضًا. فأما الجواب عن الآية فمن وجهين:
أحدها: أن ظاهرها متروك بالإجماع لأنه لو نكحها بغير مهر حلت.
والثاني: أن ما دون العشرة مال ألا تراه لو قال: له عليّ مال ثم بيّن درهمًا أو دانقًا قبل منه فدلت الآية على جوازه في المهر. وأما الجواب عن حديث جابر فمن وجهين:
أحدهما: أنه ضعيف لأنه رواية مبشر بن عبيد وهو ضعيف عن الحجاج بن أرطأة وهو مدلس.
وقد روينا عن جابر من طريق ثابتة قولًا مسندًا وفعلًا منتشرًا ما ينافيه فدل على بطلانه.
والثاني: أنه يستعمل إن صح في امرأة بعينها كان مهر مثلها عشرة فحكم لها فيه بالعشرة. وأما قياسهم على القطع في السرقة فقولهم: مال يستباح به البضع فاسد من أربعة أوجه:
أحدها: أنه لا يستباح القطع في السرقة بالمال وإنما يستباح بإخراجه.
والثاني: أنه لو استبيح بالمال لما لزم رد المال ورد المال لازم.
والثالث: أنه ليس يستباح به العضو وإنما يقطع به.
والرابع: أن عقد النكاح لا يختص باستباحة عضو بل يستباح به جميع البدن فبطل التعليل بما قالوه.
ثم المعنى في قطع السرقة أنه عن فعل كالجنايات فجاز أن يكون مقدرًا كسائر الجنايات والمهر عوض في عقد مراضاة فلم يتقدر كسائر المعاوضات وأما قياسهم على ما في مقابلته من البضع المقدر: ففاسد بالبدل في الخلع هو غير مقدر وإن كان في مقابلة بضع مقدر ثم المعنى في البضع أنه صار مقدرًا لأنه لا يتجزأ، فصار مقدرًا لا يزيد ولا ينقص والمهر يتجزأ فصح أن يزيد وصح أن ينقص.