وإذا أصدقها تعليم القرآن وهو لا يحفظ القرآن فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يجعل ذلك في ذمته مثل أن يقول: على أن أحصل لك تعليم القرآن فذا صداق جائز وإن كان لا يحسن القرآن وعليه أن يستأجر لها من يعلمها القرآن إما من النسا، أو من ذوي محارمها من الرجال وعلى هذا لو كان يحفظ القرآن كان مخيرًا بين أن يعلمها بنفسه أو يستأجر من يعلمها.
والثاني: أن يكون تعليم القرآن معقودًا عليه في عينه مثل أن يقول: على أن أعلمك القرآن نظر.
فإن كان يحسن الكتابة جاز فإنه يقدر على تعليمها من المصحف وان كان لا يحسن الكتابة ففي جوازه وجهان:
أحدهما: يجوز كما لو أصدقها ألفا درهم لا يملكها جاز لأنه قد يجوز أن يملكها كذلك القرآن وإن كان لا يحفظه فقد يجوز أن يحفظه فيعلمها.
والثاني: لا يجوز ويكون الصداق باطلاً لأنه منفعة من معين ليست في ملكه فلم يجز أن يكون صداقًا كما لو أصدقها صدقة عبد لا يملكه كان باطلاً وإن جاز أن يملك العبد أو يستأجره.
وخالف أن يصدقها ألف درهم لا يملكها لأن الألف غير معينة. والمنفعة ههنا معينة ألا تراه لو باع سلمًا ثوبًا موصوفًا في ذمته وهو لا يملك جاز لو باع ثوبًا معيبًا لا يملكه لم يجز.
فإذا تقرر: ما ذكرنا من الوجهين:
فإن قيل بالوجه الأول أن الصداق جائز كانت الجنازتين أن تصبر عليه حتى يتعلم القرآن فيعلمها وبين أن تتعجل الفسخ وترجع عليه بأجرة مثل التعليم في أحد القولين وبمهر المثل في القول الثاني فلو قال لها: أنا أستأجر لك من يعلمك لم يلزمها ذلك لأن المنفعة مستحقة منه في عينه كما لو أجره عبدًا فزمن بطلت الإجارة ولم يكن له أن يقيم عبدًا غيره وخالف أن تريد إبطال نفسها بغيرها فيكون لها ذلك في أحد الوجهين.
والفرق بينهما: أنه لا حق لها فجاز أن تكون مخيرة في استيفائه وهو مستحق على الزوج فلم يكن مخيرًا في أدائه.
وإن قيل بالوجه الثاني أن الصداق باطل فلا فرق في بطلانه بين أن يتعلم القرآن من بعد أو لا يتعلمه وفيما ترجع به عليه قولان على ما مضى.