فإذا ثبت أن الاعتبار بالصعبات دون الأمهات فقد قال الشافعي:"أعني نساء بلدها" فيكون الاعتبار من كان من عصباتها في بلدها دون من كان في غيره لأن للبلدان في المهور عادات مختلفة فتكون عادلت بعض البلدان تخفيف المهور وعادلت بعضها تثقيل المهور فاقتضى أن يكون ذلك معتبرًا كما تعتبر قيمة المتلف في موضع إتلافه لأن القيم تختلف باختلاف الأمكنة فلذلك وجب اعتبار البلد مع نساء العصبات، فهذا حكم المنصب.
مسألة:
قال الشافعي:"ومهر من في مثل سنها وعقلها وحمقها وجمالها وقبحها ويسرها وعسرها وأدبها وصراحتها وبكرا كانت أو ثيبًا؛ لأن المهور بذلك تختلف".
قال في الحاوي: وهذا صحيح.
وصفات الذات المعتبرة في المهور شرط في الحكم بمهر المثل كما تعتبر صفات ما يقوم والصفات المعتبرة في مهر المثل عشرة:
أحدهما: السن لاختلاف المهر باختلافه، لأن الصغيرة أرجى للولد وألذ في الاستمتاع من الكبيرة.
والثاني: عقلها وحمقها فإن للعاقلة مهرًا وللرعناء والحمقاء دونه لكثرة الرغبة في العاقلة وقلة الرغبة في الحمقاء، وحكي عن قتادة في قول الله تعالى:} لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا {[هود:٧] أي أيكم أتم عقلا.
وروى كليب بن وائل عن عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا:} لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا {[هود:٧] ثم قال: "أيكم أحسن عقلا وأردع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله تعالى.
والثالث: جمالها وقبحها فإن مهر الجميلة أكثر من مهر القبيحة وقد روى سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينكح النساء لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فعليك بذات الدين تربت يداك".
والرابع: يسارها وإعسارها أن ذا المال مطلوب ومخطوب فيكثر مهر الموسرة بكثرة طالبها ويقل مهر الموسرة لقلة خاطبها.
وقد قال ابن عباس وقتادة في قول الله تعالى:} وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ {[العاديات: ٨] يعني المال.