للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل:

فأما توجيه القولين في الذي بيده عقدة النكاح: فاستدل من نص قوله في للقديم أنه ولي الصغيرة وهو ذهب مالك من الآية بأربعة دلائل:

أحدها: أنه افتتحها بخطاب الأزواج مواجهة ثم عدل بقوله: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] خطابًا المكنى عنه غير مواجه والخطاب إذا عدل به عن المواجهة إلى الكناية اقتضى ظاهرة أن يتوجه إلى غير المواجه والزوج مواجه فلم تعد إليه الكناية والزوجة قد تقدم حكمها ولفظ الكناية مذكر فلم يجز أن نعود إليها فلم يبق من يتوجه الخطاب إليه غير الولي.

والدليل الثاني: من الآية قوله: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] وليس أحد بعد الطلاق بيده عقدة النكاح إلا الولي لأنه يملك أن يزوجها فاقتضى أن يتوجه الخطاب إليه ولا يتوجه إلى الزوج الذي ليس العقد إليه ليكون للخطاب محمولًا على الحقيقة من غير إضمار ولا يحمل على مجاز وإضمار.

والدليل الثالث من الآية: أن الذي يختص به الولي من النكاح أن يملك عقده والذي يختص به الزوج أن يملك الاستمتاع بعده فكان حمل الذي بيده عقدة النكاح على الولي الذي يملك عقده أولى من حمله على الزوج الذي يملك الاستمتاع بعده.

والدليل الرابع من الآية: أن الزوج غارم للباقي من نصف الصداق في حق الزوجة تقبضه الكبيرة وولي الصغيرة فكان توجه العفو إلى مستحق الغرم أولى من توجهه إلى ملتزم الغرم ولأن الله تعالى إنما ندب الزوجة إلى العفو لما تحظى به رغبة الأزواج فيها فاقتضى أن يكون ولي الصغيرة مندوبة إلى مثل ما ندبت إليه الكبيرة ليتساويا في عود الحظ إليهما بترغيب الأزواج فيهما.

فصل:

والدليل على صحة قوله في الجديد: أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج دون الولي الآية ومنها خمسة أدلة:

أحدهما: قوله تعالى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] والعقدة عبارة عن الأمر المنعقد ومنه حبل معقود وعهد معقود لما قد استقر عقده ونجز والنكاح بعد العقد يكون بيد الزوج دون الولي.

والثاني: أنه أمر بالعفو قال الشافعي: وإنما يعفو من ملك والزوج هو المالك دون الولي فاقتضى أن يتوجه الخطاب بالعفو إليه لا إلى الولي.

والثالث: أن حقيقة العفو هو الترك وذلك لا يصح إلا من الزوج لأنه ملك بالطلاق أن يتملك نصف الصداق فإذا ترك أن يتملك لم يملك فأما الولي فعفوه إما أن يكون هبة إن كان عينًا أو إبراءًا إن كان في الذمة فصار حقيقة العفو أخمر بالزوج من حمله على المجاز في الولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>