فأما النفقة فعلى قوله في القديم وأنها تجب بالعقد وحده فلها النفقة لوجود العقد وارتفاع النشوز.
وعلى قوله في الجديد: أن النفقة تجب بالعقد والتمكين ففي وجوب النفقة لها وجهان:
أحدهما: لا نفقة لها لعدم التمكين.
والثاني: لها النفقة لأن التمكين منها موجود من الزوج مفقود فصار المنع من جهته لا من جهتها.
مسألة:
قَالَ الشَافِعِيُّ: "وَإن كَانَت بَالِغَةً فَقَالَ لا أدفَعُ حَتَّى تَدخُلُوهَا وقَالُوا لا تُدخِلُهَا حَتَّى تَدفَعَ فَأيُّهُمَا تَطَوَّعَ أَجبَرتُ الآخَرَ فَإن امتَنَعُوا مَعًا مِما أٌجبَرتُ أَهلَهَا عَلَى وَقتِ يُدخِلونَهَا فِيهِ وَأخَذَت الصَّدَاقِ مِن زَوجِهَا فَإذَا دَفَعتُهُ إليهَا وَجَعلَت لَهَا النَفَقَةَ إذا قَالوا نَدفعَهَا إلَيهِ إذا دَفَعَ الصَّدَاقَ إليَنَا".
قال في الحاوي: اعلم أن للزوجين ثلاثة أحوال:
إحداهن: أن تبدأ المرأة بتسليم نفسها وتمكين الزوج منها فيجوز للزوج إصابتها قبل قبض شيء من صداقها وعلى الزوج تسليم صداقها إليها. وقال مالك: لا يجوز له إصابتها إلا أن يدفع إليها صداقها أو شيء منه. وبه قال ابن عباس وقتادة.
قال مالك: وأقل ما يدفعه إليها ليستبيح به إصابتها أقل ما يجوز أن يكون صداقًا وهو ربع دينار.
وهذا فاسد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة من الله" وكما لو كان صداقًا مؤجلاً.
والثانية: أن يبدأ الزوج بتسليم الصداق إليها فعليها تسليم نفسها إليه فإن امتنعت صارت ناشزًا ولا نفقة لها.
والثالثة: أن يتمانعا فتقول الزوجة: لا أسلم نفسي حتى أقبض صداقي ويقول الزوج: لا أدفع الصداق حتى تسلمي نفسك ففيه قولان:
أحدهما: أنه لا يجبر واحد منهما على التسليم بل تقطع الخصومة بينهما ويتركان فأيهما تطوع بتسليم ما عليه أجر الآخر على تسليم ما في مقابلته وإنما لم يبدأ بإجبار واحد منهما لأن لكل واحد منهما حقًا وعليه حق فلم يكن الحق الذي عليه في البداية باستيفائه منه أولى من الحق الذي له في البداية باستيفائه له فتاوى الأمران فوجب تركهما وقطع التخاصم بينهما.