أحدها: وهو قول الشافعي في الجديد والمعمول عليه من مذهبه: أنه ليس لها من المهر إلا نصفه ولا تأثيرة للخلوة في كمال المهر ولا إيجاب عدة.
وبه قال الصحابة: ابن عباس وابن مسعود.
ومن التابعين: الشعبي وابن سيرين ومن الفقهاء: أبو ثور.
والثاني: أن الخلوة كالدخول في كمال المهر ووجوب العدة وبه قال من الصحابة: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
ومن التابعين: الزهري ومن الفقهاء الثوري وأبو حنيفة وبه قال الشافعي في القديم. إلا أن أبي حنيفة يعتبر الخلوة القاممة في الكمال المهر ووجوب العدة بأن لا يكونا محرمين ولا صائمين.
والثالث: أن الخلوة يد لمدعي الإصابة منهما في كمال المهر أو وجوب العدة فإن لم يدعياها لم يكمل بالخلوة مهر ولا يجب بها عدة وهذا مذهب مالك وبه قال الشافعي في الإملاء.
واستدل من نصر قول أبي حنيفة في أن الخلوة تقتضي كمال المهر ووجوب العدة بقوله تعالى: {وإنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أتَاخُذُونَهُ بُهْتَانًا وإثْمًا مُّبِينًا (٢٠) وكَيْفَ تَاخُذُونَهُ وقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ وأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: ٢٠ - ٢١] ولهم من الآية دليلان:
أحدهما: عموم قوله: {فَلا تَاخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] إلا ما خصه دليل.
والثاني: قوله: {وقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢١] قال الفراء: معناه وقد خلا بعضكم ببعض لأن الفضاء هو الموضع الواسع الخالي وقول الفراء فيما تعلق باللغة حجة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كشف قناع امرأة فقد وجب لها هذا المهر كاملاً" وهذا نص.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "ماذا بهن إن جاء العجز من قبلكم".
وروي عن زرارة بن أوفي أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه من أغلق بابًا وأرخى سترًا فقد دخل بها أو لم يدخل وقد قال النبي: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضو عليها بالنواجذ".