فأما الجواب عن الآية فمن وجهين:
أحدهما: أن الفراء قد خولف في تفسير الفضاء فقال الزجاج في "معانيه": أنه الغشيان وقال ابن قتيبة في "غريب القرآن" هو الجماع فكان قول الفراء محجوجًا بغيره.
والثاني: أن الآية التي استدللنا بها مفسرة تقضي على هذا المجمل.
وأما الجواب عن الخبر: فهو أن كشف القناع لا يتعلق به كمال المهر عندنا ولا عندهم فإن جعلوه كناية في الخلوة كان جعله كناية في الوطء أولى.
وأما الجواب عن الأثر عن عمر رضي الله عنه في قوله "ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم" فهو أن يقتضي أن يكون لها المهر مع العجز سواء كانت خلوة أو لم تكن فيكون معناه استحقاق دفعه قبل الطلاق وكذلك الجواب عن حديث زرارة بن أوفي.
وأما الجواب عن قياسهم على الإجازة فمنتقض ممن سلمت نفسها في صوم أو إحرام أو حيض.
فإن قيل: الصوم والإحرام مانع فلم يتم التسليم.
قبل الجب والعنة أبلغ في المنع ولا يمنع من التسليم الموجب لكمال المهر عندهم بالخلوة على أنه وطء في الصيام أو الإحرام لكمل المهر واستقر فجاز أن تكون الخلوة لو أوجبت كمال المهر في غير الإحرام موجبة لكمال الإحرام كالوطء. على أن صوم التطوع يصير عندهم واجبًا بالدخول فيه ولا يمنع الخلوة فيه من كمال المهر عندهم فكذلك غيره من صوم الفرض.
على أن الإجازة مقدرة بالزمان فجاز أن تستقر الأجرة بالتمكين فيه لتقضيه وليس النكاح مقدرًا بالزمان فلم يستقر المهر فيه بالتمكين إلا بانقضاء زمانه بالموت أو بالوطء في حال الحياة لأنه مقصود بالعقد, وأما قياسهم على الوطء فالمعنى في الأصل استيفاء حقه بالوطء وليس كذلك الخلوة.
وأما استدلالهم بالنفقة: فالجواب عنه أن النفقة مقابلة بالتمكين دزن الوطء ولذلك وجب لها النفقة مع التمكين في الصيام والإحرام وليس كذلك المهر لأنه في مقابلة الوطء لأنهم لا يكملون المهر بالخلوة في حال الإحرام والصيام.
فصل:
واستدل من نصر قول مالك: أن الخلوة يد لمدعي الإصبة من الزوجين بأن الحخلوة في دعوى الإصابة تجري مجرى اللوث في القسامة وذلك موجب لتصديق المدعي فكذلك الخلوة ولأن الإصابة مما يستره الناس ولا يفعلونه فتعذرت إقامة البينة عليها فجاز أن يعمل فيها على ظاهر الخلوة الدالة عليها في قبول قول مدعيها كما يقبل قول المولى في دعوى الإصابة والدليل عليه: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي واليمين على المدعى