النبي صلى الله عليه وسلم:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}[الأحزاب: ٢٨] وفيه تقديم وتأخير وتقديره: فتعالين أسرحكن وأمتعكن وقد كن كلهن مدخولًا بهن فدل على وجوب المتعة للمدخول بها ولأنه إجماع الصحابة أن المتعة لكل مطلقة إلا التي طلقت قبل الدخول ولم يفرض لها مهر.
وروي ذلك عن عمر وابن عمر وليس يعرف لهما في الصحابة مخالف ولأنه طلاق لم يسقط به شيء من المهر فجاز أن تجب لها المتعة كالمطلقة قبل الفرض وقبل الدخول.
ولأن استكمال المهر في مقابلة الدخول بدليل استحقاقه بوطئ الشبهة فاقتضى أن يستحق في مقابلة العقد الذي ابتذلت به بدل وهو المتعة.
ولأن النكاح الصحيح أغلظ من النكاح الفاسد في استحقاق العوض بدليل أنها في النكاح الصحيح تستحق بالطلاق فيه قبل الدخول من العوض ما لا يستحقه في النكاح الفاسد فوجب أن تستحق بالطلاق فيه بعد الدخول من المتعة مع مهر ما لا يستحقه في النكاح الفاسد.
ولو سقطت المتعة وقد استويا في المهر لم يتغلظ في العوض فإذا تقرر توجيه القولين فعلى القديم منهما لا متعة إلا لمطلقة واحدة وهي المطلقة قبل الدخول وليس لها مهر مسمى.
وعلى الجديد المتعة واجبة لكل مطلقة إلا لمطلقة واحدة وهي المطلقة قبل الدخول ولها مهر مسمى.
قال في الحاوي: أعلم أن المتعة لا يختلف وجوبها باختلاف الأزواج والزوجات فهي على كل زوج من حر وعبد مسلم وكافر ولكل زوجة من حرة أو أمة مسلمة أو كافرة.
وقال الأوزاعي: إذا كان الزوجان مملوكين أو أحدهما فلا متعة بينهما: وهذا فاسد لعموم قوله تعالى: {ولِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٤١] ولأن المتعة وجبت لتكون المطلقة مفارقة للموهوبة فاقتضى أن يستوي فيها الأحرار والعبيد كما يستوي في حظر الموهوبة