لو كبرّ لافتتاح الصلاة ثم كبر مرًة أخرى، قال صاحب (التلخيص): بطلت صلاته، فإن كبرّ ثالثة جاز فإن كبرّ رابعة بطلت. قال أصحابنا: هذا بشرطين:
أحدهما: أن يقصد محل تكبيرة الافتتاح.
والثاني: أن لا ينوي الخروج من الصلاة قبل التكبير الثاني فإن نوى ذلك صّح خروجه ثم إذا كبرّ الثانية صّح افتتاحه.
فَرْعٌ آخرُ
قال والدي رحمه الله: لو صلّى أرع ركعاٍت ظهرًا بنية الفاقة ولم يعلم أن عليه ذلك ثم علم أنه كان عليه ذلك هل يجوز عن فرضه الفائت؟ ينبغي أنه يجوز [٦١ ب/ ٢] لأّن بالإجماع لو صلّى الظهر وفرغ منه، ثم شّك في بعض فرائضه يستحب له الإعادة بنية الفرض، فلولا أن الأولى إذا تبين فساده تقع الثانية عن فرضه، لم يكن للإعادة معنًى، وبان ذلك أن شّكه في وجوبه عليه لا يمنع صحة فعله، وقد صّح أيضًا أن من نسي صلاة من خمس صلوات يؤديها كلها، وفي كل صلاة منها لا يعلم أنها واجبة عليه بنيتها، فبان بهذا أن هذه المعرفة لا تكون شرطًا، إنما يؤديه من الصلوات.
مَسْألةٌ: قال: (ولا يجزئه إلا قوله: الله أكبر، أو الله أكبر)، وهذا كما قال. اختلف العلماء فيما تنعقد به الصلاة على خمسة مذاهب، فعندنا لا تنعقد إلا بالتكبير مع القدرة، والتكبير قوله: الله أكبر لا غير ونقل المزني رحمه الله لا تنعقد إلا بقوله؛ الله أكبر، أو الله الأكبر، وهو عبارة عامة أصحابنا، وص غلٌط لأن الشافعي رحمه الله نصّ في (الأم): إذا قال: الله الأكبر، انعقدت صلاته بما فيه من قوله: الله أكبر، والألف واللام زيادتان لا ُيخلان بالمعنى ولا تنعقد بما عدا هذا من الألفاظ.
وبه قال ابن مسعود، وطاوس، والثوري، وداود، وإسحاق رحمهم الله، وقال مالك وأحمد رحمهما الله: لا تنعقد إلا بقوله: الله أكبر، ولو قال: الله الأكبر لا تجوز صلاته.
وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تنعقد بكل اسم لله تعالى علي وجه التعظيم كقوله: الله العظيم أو الجليل، وبقوله: الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، ولو قال: الله أو الرحمن من غير وصٍف، فيه روايتان.
روى الحسن بن زياد: أنه يجوز، وظاهر رواية الأصول أنه لا يجوز من دون ذكر الصفة ووافقنا أنه لو قال: على وجه النداء: يا الله، لم تنعقد. وبه قال النخعي، والحكم، وروى ابن شجاع عن أبي حنيفة أنه قال: أكره أن تنعقد الصلاة بغير قوله: [٦٢ أ/ ٢] الله أكبر. وقال أبو يوسف: تنعقد بلفظ التكبير خاصة، فلو قال: الله الكبير أجزأه، ولا تنعقد بما عداه.