الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (١٢)} [النبأ: ١٠ - ١١] وفي اللباس تأويلان:
أحدهما: الإيواء في المساكن وإلى سكنه فصار كاللابس لمسكنه ولزوجته.
والثاني: أنه يتغطى بظلمة الليل كما يتغطى باللباس.
وقال تعالى:{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: (٢١)] والسكن يكون في الليل ولأن الليل زمان الدعة والإيواء فوجب أن يكون عمدة القسم ولأن السيد لو زوج أمته لزمه تمكين الزوج منها ليلاً وكان له استخدامها نهاراً فعلم أن الليل عماد القسم فلا يجوز له في الليل أن يخرج فيه من عند التي قسم لها إلا من ضرورة فأما النهار فله أن يتصرف فيه بما شاء ويدخل فيه إلى غيرها من نسائه من غير أن يتعرض فيه لوطئها.
روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قل يوم إلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على نسائه فيدنو من كل امرأة منهن فيقبل ويلمس من غير مسيس ولا مباشرة ثم يبيت عند التي هو يومها.
فإن كان في الناس من ينصرف في معاشه ليلاً ويأوي إلى مسكنه نهاراً كالحراس وصناع البزر ومن جرى مجراهم فعماد هؤلاء في قسمهم النهار دون الليل لأنه زمان سكنهم والليل زمان معاشهم.
قال في الحاوي: وهذا صحيح تستوي المسلمة والذمية في القسم لها لعموم قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩] ولأن حقوق الزوجية تستوي فيها المسلمة والذمية كالسكنى والنفقة ويترع بينهما في القسم ولا تقدم المسلمة بغير قرعة تعديلاً بينهما كما يعدل في قدر الزمان.