غير مسيس ولا مباشرة ثم يبيت عند التي هو يومها ولأن المقصود من القسم الليل دون النهار فإذا دخل النهار على واحدة لم يفوت على صاحبة القسم حقها منه وكان دخوله على غيرها من نسائه كدخوله على غير نسائه فأما وطؤه لغيرها من النهار فلا يجوز لأن الوطء مقصود القسم فلم يجز أن يفعله في زمان غيرها.
وقد روى الحسن وقتادة أن النبي شر دخل على زوجته حفصة في يومها فوجدها قد خرجت لزيارة أبيها فاستدعى مارية فخلا بها فلما علمت حفصة عتبت على النبي صلى الله عليه وسلم وقالت في بيتي وفي يومي يا رسول الله فأرضاها بتحريم مارية على نفسه وأمرها أن لا تحبر بذلك أحداً من نسائه فأخبرت به عائشة رضي الله تعالى عنها لمصافاة كانت بينهما فتظاهرتا عليه وفي ذلك أنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: (١)] فإن أطال المقام عند غيرها في نهار قسمها أو وطئ فيه غيرها لم يقض مدة مقامه وان شاء لأنه أحق بالنهار منها لأنه زمان التصرف دون الإيواء فلم يقضه.
فأما الليل فليس له أن يخرج من عندها فيه إلا من ضرورة سواء أراد الخروج إلى زوجته أو غير زوجته لأنه مقصود القسم فلم يجز أن يفوته عليها فإن دعته ضرورة إلى الخروج من عندها ليلاً فخرج لم يأثم ونظر في مدة الخروج فإن كان يسيراً لا يقضي مثله كان عفواً وان كان كثيراً يقضي مثله كأن خروج نصف الليل أو ثلثه قضاها زمان خروجه ليوفيها حقها من القسم ثم ينظر في مدة الخروج الذي يلزمه قضاؤه فإن كان لضرورة عرضت له عند غير زوجة قضاها ذلك الزمان لا من زمان واحدة من نسائه وان كان قد خرج فيه إلى غيرها من نسائه لمرض خاف عليها منه فإن ماتت سقط قسمها وقضى صاحبة القسم ما فوته عليها من ليلتها وان لم تمت قضى صاحبة القسم من ليلة المريضة ما فوته عليها من ليلتها فأما ما نقله المزني عن الشافعي يعودها في مرضها ليلة غيرها فقد كان أبو حامد الإسفراييني ينسب المزني إلى الخطأ في هذا النقل ويقول: إن الشافعي إنما قال: يعودها في مرضها في نهار غيرها. وهذا الاعتراض فاسد ونقل المزني صحيح ويجوز له أن يعودها في مرضها في نهار غيرها وهذا الاعتراض فاسدا ونقل المزني صحيح ويجوز له أن يعودها في ليلة غيرها إن كان مرضها مخوفاً لأنه وبما تعجل موتها قبل النهار ففاته حضورها وهو المراد بما نقله المزني فأما إن كان مرضها مأموناً لم يكن له عيادتها في الليل حتى يصبح فيعودها نهاراً وإنما قضاء زمان الخروج وان كان فيه معذوراً لأن حقوق الآدميين لا تسقط بالإعذار فلو خرج في ليلتها إلى غيرها فوطئها ثم عاد إليها في الحال فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يلزمه قضاؤه لقصوره عن زمان القضاء.
والثاني: يلزمه قضاء ليلة بكمالها لأن مقصود القسم في الليل هو الوطئ فإن وطئ فيه غيرها فكأنه فوت عليها جميع الليلة فلذلك لزمه قضاء جميعها من ليلة الموطوءة.
والثالث: أن عليه في ليلة الموطوءة أن يخرج من عندها إلى هذه فيطأها ثم يعود