والقول الثاني: وهو المنصوص عليه في النفقات لا قسم لها ولا نفقة لأنهما في مقابلة الاستمتاع قد فات عليه وإن عذرت.
والطريقة الثانية: وهي طريق أبي حامد المروزي أنه ليس على اختلاف قولين وإنما على اختلاف حالين فالذي قاله ها هنا في وجوب القسم لها محمول على أنها سافرت بإذنه فيما يخصه من أشغاله لأن له أن يستوفي حقه منها بالاستمتاع وغيره والذي قاله في كتاب النفقات أنه لا قسم لها إذا سافرت بإذنه فيما يخصها من أشغالها لأنه تصرف قد انصرف إليها دونه وإن عذرت ويكون تأثير إذنه في رفع المأثم لا في وجوب القسم.
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا كان للمجنون أربع نسوة وذلك بأن يتزوجهن في حال صحته ثم يطرأ عليه الجنون لأنه لو كان وقت العقد مجنونًا لم يجز أن يزوج بأكثر من واحدة وإن احتاج إليها فالقسم لنسائه واجب وإن كان غير مكلف لأنه من حقوق الآدميين فأشبه النفقة وإذا كان كذلك فعلى وليه أن يستوفي منه حقوق نسائه من القسم لأن فيه سكنًا له ولهن ويفعل الولي أصح الأمرين من إفراده بمسكن يأمرهن بإتيانه فيه وبين أن يطيف عليهن في مساكنهن فإن كان الزوج قد رتبهن في القسم وقدر زمان كل واحدة منهن أجراه الولي على ما تقدم من قسمه في الترتيب والتقدير وإن لم يتقدم الزوج لهن استأنف الولي بالقرعة من يقدمها منهن وقدر لها من مدة القسم ما يراه أصح له ولهن ولا يزيد على ثلاث فإن عمد الولي أن يجوز في القسم أثم في حقه وحقوقهن ولا عوض لهن على ما فوت من قسمهن لأن المعارضة عليه لا تجوز فإن أفاق الزوج وقد جار به الولي نظر في جوره فإن كان يمنع الزوج من جميعهن فلا قضاء على الزوج بعد إفاقته لتساويهن في سقوط القسم ويستأنف الزوج لهن القسم وإن كان جور الولي به أن أقامه عند بعضهن ومنعه من باقيهن فعلى الزوج بعد إفاقته قضاء الباقيات بما فوته الولي عليهن من القسم.
فصل:
وإذا خفن على أنفسهن من جنون الزوج سقط بذلك حقه من القسم ولم تسقط حقوقهن فإن طلبن القسم من الخوف وجب على الولي أن يقسم لهن من الزوج إلا أن يرى من الأصلح له أن لا يقيم عند واحدة منهن فسقط قسمهن.