الصلاة ولو كبرّ لا ينوي واحدًة منهما، فليس بداخل في الصلاة، وإن كبرّ فنوى تكبيرة الافتتاح والركوع لم يجزه من المكتوبة لأنه شرك في النية بين الفرض والنفل).
قال أصحابنا: هذا يدل على أنها تجزئه عن النفل، واختلف أصحابنا فيه على وجهين، فمنهم من قال: تجزئه عن النفل، لأنه نوى بها النفل، وتكون جميع الصلاة نفلًا، كما لو أخرج خمسه ينوي بها الزكاة والصدقة والتطوع يقع عن الطوع، ومنهم من قال: لا تجزئه لأن تكبيرة الافتتاح شرط في النافلة أيضًا، فقد شرك بين النافلة والفرض في الشرط، والأول أصح.
فَرْعٌ آخرُ
قال في (الأم): (لو أبقى من التكبيرة حرفًا وأتي به، وهو راكع أو منحٍن للركوع لم يكن داخلًا في الصلاة المكتوبة، وكان [داخلًا] في نافلٍة. قال أصحابنا; هذا إذا كان جاهلًا، فإن كان عالمًا أنه لا يجوز لا تنعقد صلاته أصلًا كما لو أحرم بالظهر قبل الزوال عالمًا لا تنعقد فرضًا، ولا نفلًا. وقال القفال: فيه قولان، وفيه نظٌر.
مسألة: قال: (فِان لم يحسن بالعربية كبر بلسانه).
وهذا كما قال: أراد بقوله: بلسانه أي بغير العربية، وليس من شرطه أن يكون لسانه، بل يجوز أن يكبرّ بجميع الألسنة وجملته [٦٤ أ/ ٢] أنه لا يجوز أن يكبرّ بغير العربية مع القدرة بحاٍل، وبه قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة رحمه الله: يجوز ذلك، وهذا غلٌط، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خّص قوله:(الله أكبر)، فإن قيل: أجزتم كلمة التوحيد بلسانه مع القدرة على العربية، وههنا لا تجوزون، فما الفرق؟ قلنا: من أصحابنا من قال: لا تجوز هناك أيضًا، وهو اختيار الإصطخري، وإن سلمنا، وهو المذهب. فالفرق أن المقصود من التوحيد الاعتقاد، فبأي لفظ عّبر عن اعتقاده حكمنا بإسلامه.
وههنا القصد اللفظ دون الاعتقاد، فلا يجوز العدول عن اللفظ الذي ورد به الشرع إلى غيره مع القدرة، ولو عجز عن العربية ُنظر، فإن كان الوقت واسعًا يمكنه أن يتعلم ويكبرّ بالعربية، ففرضه العربية، ولو توانى فيه وصلى بالتكبير بالفارسية يلزمه الإعادة، وإن كان الوقت ضيقًا عن التعلم يجوز له أن يكبرّ بالفارسية، فيقول:(خذاء يزر كنز)، ولا يقتصر على التعظيم من غير حرف التفضيل حتى يكون معبرًا بقوله: الله أكبر، فإن قيل: هلّا قلتم: يجوز أن يكبرّ بالعجمية في الوقت الأول، ولا يلزمه تأخير الصلاة للتعليم، كما قلتم: يجوز له أداُء الصلاة بالتيمم في أول الوقت، وإن تيقن وجود الماء في آخره؟.
قلنا: لأنا لو جوزنا ذلك، لم يتوجه عليه فرض التكبير بالعربية جملًة. وذلك لأنه إذا صلّى لا يلزمه التعليم في هذا الوقت، وفي الوقت الثاني مثله، ويفارق الماء لأن