ولو قال: أنت طالق واحدة إلا أن تشائي ثلاثاً، فقالت: قد شئت ثلاثاً لم تطلق واحدة ولا ثلاثاً، لأنه جعل وقوع الواحدة مشروطاً بأن لا تشاء ثلاثاً، فإذا شاءت ثلاثاً عدم الشرط في الواحدة فلم تقع. فأما الثلاث فالمشيئة فيها شرط في رفع الواحدة، وليس بشرط في وقوع الثلاث والله أعلم.
قال الماوردي: أما قوله: إن لم تكوني حاملاً فأنت طالق، فمعناه إن كنت حائلاً فأنت طالق، فلا يخلو إما أن تكون حاملاً أو حائلاً، فإذا نفاه عن أحدهما تعلق بالآخر. وإذا كان كذلك فالظاهر عند اشتراه حالها أنها حائل، فيحرم عليه وطئها، لأن الظاهر وقوع الطلاق عليها، وعليه أن يستبرئها بعدة حرة، ثلاثة أقراء هي أطهار. وسواء كان قد استبرأها قبل عقد طلاقة أم لا، لأن هذا استبراء طلاق في الظاهر، فلم يجز أن يعتد به قبل زمان وقوعه. وإذا كان كذلك لم يخل حالها عند انقضاء الأقراء من أن تكون مستبرئة أو غير مستبرئة. فإن كانت غير مستبرئة بانت بالظاهر، وهل تحل للأزواج قبل أن تمضي قبل أن تمضي مدة أكثر الحمل أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: أنها قد حلت في الظاهر للأزواج وإن جاز في الممكن أن يكون بها حمل، كما تحل التي نجز طلاقها إذا اعتدت بثلاثة أقراء وإن أمكن أن يكون بها حمل.
والوجه الثاني: أنها محرمة على الأزواج حتى تمضي مدة أكثر الحمل وهي أربع سنين فتبين وقوع الطلاق عليها بيقين، كونها حائلاً وقت عقد طلاقها، والفرق بين هذه وبين التي نجز طلاقها فأمكن بعد الأقراء الثلاثة أن تكون حاملاً فلا تحرم على الأزواج بهذا التوهم الممكن، وتحرم في مسألتنا بهذا التوهم الممكن، أن التوهم في هذه المسألة يوقع شكاً في وقوع الطلاق، فجاز أن تحرم على الأزواج، والتوهم في الطلاق الناجز لا يوقع شكاً في وقوع الطلاق، وإنما يوقعه في العدة مع انقضائها بحكم الشرع في الظاهر، فجاز أن لا تحرم على الأزواج.
فرع
وإن كانت عند انقضاء الثلاثة أقراء مستبرئة بأن طهر منها أمارات الحمل وشواهده، ففي استباحة وطئها بهذه الأمارات وجهان يخرجان من اختلاف قوليه، في نفقة الحامل المعتدة: