للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال هذين: نية الصلاة، إن تقدمت على الإحرام لم تصح، وإن تأخرت عنه لم تصح.

والقسم الثالث: أن تكون النية مقارنة لجمع اللفظ، فتوجد من أول اللفظ إلى آخره فالطلاق واقع، والنية معًا، ولا يكون وقوعه بأحدهما، وإن كان اللفظ هو المغلب لظهوره.

والقسم الرابع: أن توجد النية في بعضي اللفظ وتعدم في بعضه، إما أن توجد في أوله وتعدم في آخره، أو توجد في آخره، وتعدم في أوله، مثل أن يقول لها: أنت بائن، فينوي عند قوله: أنت با، بترك النية عند قوله ئن، أو يترك النية عند قوله: أنت با وينوي عند قوله ئن، ففي وقوع الطلاق به وجهان لأصحابنا:

أحدهما: لا يقع اللفظ إذا اعتبرت فيه النية، كان وجودها عند بعضها، كعدمها في جميعه كالنية في تكبيرة الإحرام.

والوجه الثاني: أن الطلاق واقعه لأن استصحاب النية في جميع ما يعتبره فيه النية ليس بلازم كالصلاة لا يلزم استصحاب النية في جميعها.

والأصح عندي، أن ينظر في النية فإن وجدت في أول اللفظي وقع به الطلاق، وإن عدمت في آخره كالصلاة، إذا وجدت النية في أولها، جاز أن تعدم في أخرها، وإن وجدت النية في آخر اللفظ وعدمت في أوله، لم يقع له الطلاق، كالنية في أخر الصلاة، ولأن النية إذا انعقدت مع أول اللفظ، كان باقيه راجعًا إليها، وإذا خلت من أوله صار لغوًا وكان ما بقي منه مع النية ناقصًا، فخرج من كنايات الطلاق، وهذا التفصيل أشبه بنص الشافعي. لأنه قال: لم يكن طلاقًا حتى يبتدأ ونيته الطلاق، فاعتبرها ني ابتداء اللفظ والله أعلم.

مسألة: قال الشافعي: " (قال) ولو قال لها أنت حرة يريد بها الطلاق ولأمته أنت طالق يريد العتق لزمه ذلك".

قال الماوردي: وهذا صحيح، أما صريح العتق فهو كناية في الطلاق إجماعًا فإذا قال الرجل لامرأته، أنت حرة أو أنت معتقة، بريد طلاقها، طلقت، لأن عتق الأمة إطلاق من حبس الرق كما أن طلاق الزوجة إطلاق من حبس النكاح، فتقارب معناهما، وأما صريح الطلاق فهو كناية عندنا في العتق، فإذا قال لأمته أنت طالق، أو مسرحة أو مفارقة، بريد عتقها عتقت، وقال أبو حنيفة: لا تعتق ولا يكون صريح الطلاق كناية في العتق، وإن كان صريح العتق كناية في الطلاق، استدلالًا بأن الطلاق يوجب التحريم وتحريم الأمة لا يوجب عتقها، لأنه يملك من تحرم عليه بنسب أو رضاع، ولا تعتق عليه، ولا يشبه قوله لزوجته، أنت حرة فتطلق، لآن عتق الأمة تحريم، وتحريم الزوجة موجب لزوال الملك عنها، فجاز أن يكون طلاقًا لها، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>