للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثاق، أو مسرحة إلى أهلك، أو مفارقة إلى المسجد فإن أظهره بلفظه صح وحمل عليه في الظاهر والباطن، ولم يلزمه الطلاق، لأنه وصفه بما يجوز أن يكون من صفاته، فيغير الطلاق فلذلك لم يقع به الطلاق، وإن لم يظهره قي لفظه وأضمره في نيته صح إضماره، ودين فيه ولم يلزمه الطلاق قي الباطن، اعتبارًا بالمضي ولزمه الطلاق في الظاهر اعتبارًا بالمظهر وأما الذي يمكن أن يكون حالًا للمطلقة فمثل قوله أنت طالق إلى رأس الشهر، ولو دخلت الدار، أو إن كلمت زيدا، فإن أظهر ذلك بلفظه عمل عليه في الظاهر، ولم يقع عليها الطلاق إلا على الحال التي شرطها، وإن أضمره بقلبه، ولم يظهره بلفظه دين فيه، وفي الباطن فلم يلزمه الطلاق إلا بذلك الشرط، اعتبارًا بإضماره ولزمه الطلاق في ظاهر الحكم اعتبارًا بإظهاره، فهذا ضرب.

فصل

وأما ما لا يصح إضماره ولا إظهاره، فهو ما كان فيه إبطال ما أوقع ونفي ما أثبت، كقوله: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا، أو أنت طالق إلا أنت، فالطلاق واقع والاستثناء باطل في إطهاره باللفظ وإضماره بالقلب، لأن وقوع الطلاق يمنع ممن رفعه، لاسيما مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق".

والفرق بين هذا حيث بطل وبين الضرب الأول حيث صح: أن ذلك صفة محتملة وحال ممكنة، يبقى معها اللفظ على احتمال مجوز، وهذا رجوع لا يحتمل ولا يجوز، وإذا بطل هذا الاستثناء بما عللنا، وقع الطلاق ظاهرًا وباطنًا.

فصل

وأما الضرب الثالث: وهو ما يصح إظهاره ولا يصح إضماره، فهو الاستثناء من العدد، أو الشرط الواقع بحكم الطلاق، فالاستثناء من العدد، أن يقول: أنت طالق ثلاثًا إلا اثنتين والشرط الرافع لحكم الطلاق، أن يقول: أنت طالق إن شاء الله، فإن أظهره في لفظه متصلًا بكلامه صح، وكان محمولًا عليه في الظاهر والباطن فلا يلزمه الطلاق إذا قال: إن شاء الله ويقع عليها طلقة واحدة، إذا قال: أنت طالق ثلاثًا إلا اثنتين، لأن بعض الكلام مرتبط ببعض، فأوله موقوف على آخره، وهو كلام لا ينقض بعضه بعضًا، فصح ولو لم يتلفظ بهذا الاستثناء بلسانه وأضمره بقلبه ونوى بقوله: أنت طالق أن يكون معلقًا بمشيئة الله، أو قال: أنت طالق ثلاثًا ونوى إلا اثنتين، لم يصح ما أضمره من الاستثناء بمشيئة الله، ومن العدد، ووقع الطلاق ثلاثًا في الظاهر والباطن، وإنما كان صحيحًا مع الإظهار مع الإضمار، لأن حكم اللفظ أقوى من النية، لأن الطلاق يقع بمجرد اللفظ من غير نية، ولا يقع لمجرد النية من غير لفظ، فإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>