الطلاق صريح، فعلى هذا يطلق واحدة، إلا أن يريد أكثر منها.
والوجه الثاني: تكون كناية، لأنها في نفسها لا تكون طلاقًا، وإنما يقع الطلاق عليها إذا أوقعه، فلذلك صار كناية فيرجع فيه إلى إرادته، فإن لم يرد به الطلاق لم يقع.
قال الماوردي: أما إذا طلق غير المدخول بها ثلاثًا، طلقت ثلاثًا وهو قول الجمهور، وقال عطاء بن يسار: والمغربي تطلق واحدة، لأنها قد بانت بقوله: أنت طالق، فلم يقع عليها بعد البينونة بقوله ثلاثًا شيء، وهذا فاسد، لأن وقوع الثلاث هو بقوله: أنت طالق، لاحتماله العدد، وقوله ثلاثًا تفسيرًا منه للعدد المراد بقوله: أنت طالق، ولذلك جاء به منصوبًا، لكونه تفسيرًا، كما لو قال له: علي عشرون درهمًا، صار الدرهم لكونه منصوبًا، تفسيرًا للعدد كذلك الثلاث تفسيرًا للعدد.
وقد حكي عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن غير المدخول بها، إذا طلقت ثلاثًا، قال عطاء بن يسار: فقلت ولاثنتين، فقال عبد الله بن عمر: وأما هي الواحدة بينتها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجًا غيره.
فصل
فإذا تقرر أن طلاق الثلاث: يقع على غير المدخول بها، كوقوعه على المدخول بها فقال لها وهي غير مدخول بها: أنت طالق ثلاثًا للسنة، وقعن معًا في الحال، على أي حال كانت من حيض أو طهر، لأننا قد ذكرنا أن غير المدخول بها، لا سنة في طلاقها ولا بدعة، وليس عندنا في عدد الطلاق سنة ولا بدعة، وعند أبي حنيفة، أنها تطلق واحدة تبين بها ولا يقع عليها غيرها بناء على أصله، في أن طلاق الثلاث بدعة، وأن السنة فيه، أن تقع في كل قرء طلقة، وهي بالطلقة الأولى قد بانت، فلم يقع عليها غيرها، وقد مضى الكلام معه.
قال الماوردي: وهذا في غير المدخول بها، إذا قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، مريدًا بالثانية والثالثة الاستئناف، طلقت واحدة باللفظ الأول، ولم تقع الثانية والثالثة لأنها بالأولى بانت.
وقال مالك: تطلق ثلاثًا إذا قال لها: متصلًا لأن بعض الكلام مرتبط ببعض، وحكم أوله موقوف على آخره، فجرى مجرى قوله: أنت طالق ثلاثًا، وهذا فاسد، لأنه طلاق مرتب قدم بعضه على بعض فإذا وقع ما تقدم منه منع من وقوع ما تأخر عنه، وخالف