ذكر الشافعي - رحمة الله - عليه في المسألة الأولى: وقد مضى من الهلال خمس ولا فرق بين أن يمضي منه أقل من ذلك وأكثر إلا ان يكون قد مضى جزء يسير مما لا يمنع وقوع اسم الشهر عليه فلا يمنع ذلك احتسابه شهرًا ويكمل ذلك القدر والاعتبار بالهلال ذكره بعض أصحابنا وهو حسن.
إذا قال أنت طالق تمام أول الشهر الماضي أو في الشهر الماضي أو أنت طالق أمس فيه خمس مسائل إحداها: أن يقول: أردت أن أوقع الطلاق الآن ويكون الوقوع أمس قال الشافعي: طلقت في الحال لأنه وصف الطلاق بما لا يتصف به فلغت الصفة.
وقال الربيع في قول آخر: أنه لا يقع الطلاق لأنه أوقع الطلاق على وجه محال واختلف أصحابنا فيها على طريقتين فقال ابن خيران: المسألة على قولين كما قال الربيع لأن الشافعي قال: إذا قال لها: إن صعدت السماء فأنت طالق لم يقع الطلاق، وقال هاهنا: يقع فنقل جوابه من صعود السماء إلى هاهنا فقال: هذه على قولين وقال في صعود السماء المسألة على وجهين: المنصوص: لا تطلق وفيه وجه منقول من هاهنا أنها تطلق وقيل: الوجهان في الصعود فإن قال: إن أحييت ميتًا يقع لأن الإحياء لا يدخل تحت قدرتها بخلاف الصعود والطيران. وقال عامة أصحابنا هاهنا يقع الطلاق قولًا واحدًا، وما ذكره الربيع مذهبه وفي صعود السماء لا تطلق قولًا واحدًا لأن استحالة صعوده بخلاف العادة لا لأنه غير داخل في القدرة ولذلك صارت صفة معتبرة لا يقع الطلاق بإلغائها وإيقاع الطلاق الحادث في الزمان [٥/ ب] الماضي يستحيل لخروجه عن القدرة فصارت الصفة ملغاة والطلاق فيه واقعًا ويمكن أن يقال: إيقاعه الطلاق في الزمان الماضي يتضمن وقوعه في المستقبل وذلك غير محال.
والثانية: أن نقول: لم يكن له فيه نص في الأم ونقلُه المزني يقع الطلاق وذكر الربيع ما ذكرنا، وقال ابن هريرة: لو قال: أنت طالق للشهر الماضي وقع في الحال قولًا واحدًا كما لو قال: أنت طالق لفلان أو لرضا فلانٍ والقولان إذا قال في الشهر الماضي وليس لغيره هذا التفصيل وهو حسن.
والثالثة: أن يفوت بيانه إما بالغيبة أو الموت أو الجنون فيقع في الحال أيضًا.
والرابعة: أن يقول: أردت به طلاقًا كنت طلقتها فيه ثم تزوجتها من بعد أو أردت طلاقًا طلقها زيدٌ وكانت زوجته ثم تزوجتها من بعد، نُظِرَ فإن صدقته كان كما اتفقا عليه