للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه بشيء حتى زال عقله ثم طلق لا يقع طلاقه بالإجماع، وهذا عاصٍ واحتج الشافعي رحمه الله تعالى على من خالفه في وقوع الطلاق بأن المعصية بشرب الخمر لا تسقط عنه فرضًا ويعاقب، فلا يقاس على المثال بزوال عقله وهو المجنون وهذا ظاهر ولكن يدخل عليه ما ذكرنا والله أعلم.

فإذا تقرر هذا قال أصحابنا: حد السكر أن يختلط كلامه ويتمايل في مشيه، وقال أبو ظاهر الزيادي: هو أن يصير إلى حالة يبدر من لسانه كلامه من غير قصده، وقال العامري: عند أبي حنيفة هو أن يذهب عقله كله بحيث لا يعرف الأرض من السماء ولا المرأة من الرجل، وقال أبو يوسف: حده أن يذهب عقله كله بحيث لا يعرف الأرض من السماء ولا المرأة من الرجل، وقال أبو يوسف: حده أن يذهب عقله بحيث لا يقيم منطقًا ولا جوابًا، فقال القفال: سمعتُ هذا عن أصحاب أبي حنيفة رحمه الله وكنت أنكر أن هذا كيف يتصور حتى سمعتُ المحمودي من أصحابنا قال: كنت أجتاز ببعض الطريق فإذا أنا بسكران وقع في وحلٍ وكان البرد شديدًا وهو يقول: يا ستي سلي اللحاف ظنًا منه أنهُ نايم في بيته فعلمتُ أنه لا يعرف الليل من النهار والسماء من الأرض والوحل من اللحاف.

فرع

إذا أكره السكران وأوجر في حلقه لا طلاق لارتفاع المأثم وأصحاب أبي حنيفة يختلفون فيه.

فرع آخر

لو قال: أكرهت على السكر ولم أعلم أنه مسكر وقد طلق فالقول قوله مع يمينه.

فرع آخر

اختلف أصحابُنا في علة وقوع الطلاق، فقال ابن سريج: العلة فيه أنه متهم فيه لفسقه [٢٧/ أ] ولا يعلم سكره إلا من جهته فعلى هذا يلزمه الطلاق وجميع الأحكام المغلظة والمخففة في الظاهر دون الباطل ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، ومن أصحابنا من قال: العلة أنه يغلظ عليه بالمعصية فعلى هذا يلزمه التغليظات وما كان يحفظ كالنكاح والرجعة وقبول الهبات والبياعات لا تصح، وقال جمهور أصحابنا: العلة إسقاط حكم سكره بتكليفه وإنه كالصاحي فعلى هذا يصح الجميع التغليظ والتخفيف ظاهرًا وباطنًا، قال القاضي أبو حامد: وكنت أذهب إلى الوجه الثاني حتى وجدت نصًا للشافعي أنه يصح رجعته وإسلامه من الردة فرجعت إلى هذا الوجه الآخر.

فرع آخر

قال القفال: الصحيح أن في جميع أقواله وأفعاله قولين حتى في وجوب القصاص عليه بالقتل والحد بالقذف ففي أحد القولين حكمه حكم الصاحي وفي القول الثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>