لو حلف بالله تعالى أو بالطلاق على شيء يحمل أمرين يعنى أحدهما بالنية، فإن لم يحلف في حظره وإباحته فالنية فيه نية الحالف دون المستحلف، وإن اختلف في حظره وإباحته، فإن كان الحالف مظلومًا والمستحلف ظالمًا كالحالف الشفوي أن لا شفعةٌ عليه للجار أو كان حنفيًا فحلف لا شيء عليه للمدبر فالنية في اليمين نية الحالف دون الحاكم المستحلف، وإن كان الحلف ظالمًا كالشفوي، إذا حلف أن لا يمين عليه للمدبر والحنفي إذا حلف أن لا شفعة عليه للجار كانت النية نية الحاكم المستحلف دون الحالف فكأنها لا تكون عليه نية المستحلف إلا في هذا الموضع وحده هكذا ذكره في (الحاوي)، وقال بعض أصحابنا: فيه وجهان، أحدهما: ما ذكرنا لأنه لا يعتقد ثبوت الشفعة للجار، فإذا حلف أنه لا يستحق عليه الشفعة كان صادقًا ولو حكم الحاكم عليه يلزمه طلقة فيما حكم، وإن كان يخالف اعتقاده لأن ترك ذلك يؤدى إلى إبطال الأحكام، فأما إذا لم يحكم عليه وحلفه يلزمه في الباطن على ما يعتقده دون اعتقاد الحاكم.
والثاني: أنه تقع يمينه على ما يعتقده الحاكم بكل حال لأن الحاكم [٦٧/ ب] إذا حكم عليه بالشفعة بالجواز لزمه الانقياد له ولا يكون له الامتناع، فإذا استحلفه كان على ذلك، وقيل: هذا مبنى على أن حكم الحاكم في المجتهد هل ينفذ ظاهرًا وباطنًا؟ فإن قلنا: ينفذ ظاهرًا وباطلًا يلزمه في الباطن على ما يعتقده، وإن قلنا: ينفذ في الظاهر دون الباطن فالحكم على ما سبق وقيل: اليمين يتعلق بظاهر اللفظ عند الحاكم ولا يقول يكون علق به الحاكم لأن الحاكم لو يرى غير ظاهرها لم يتعلق الحكم بنيته إلا أن أصحابنا عبروا بأن الحاكم إذا حلفه فالنية نية الحاكم لأن الحاكم لا يحلفه وينوى خلافه وحكم المسائل المختلفة ما ذكرنا.
فرع آخر
لو حلف حالف في غير مجلس الحاكم ونوى ما يجوز أن يراد باللفظ في مجاز اللغة تعلقت يمينه بذلك في الباطن، وأما الظاهر فإن كان في طلاق لم يقبل منه لتعلق حق غيره به، وإن كان في غير طلاق كيمين بالله تعالى أو نذر فالقول قوله لأنه لا يتعلق به حق لطالب به، وعلى هذا لو حلف على شيء ماضٍ أنه ما فعله وقد فعله ونوى في يمينه ما فعله بالصين أو على ظهر الكعبة، أو حلف على شيء مستقبل لا يفعله ونوى لا يفعله في الصين حمل على نيته ولا يحنث.
وعلى هذا لو قال: نسائي طوالق ونوى نساء قرابته لم تطلق نساؤه فيما بينه وبين الله تعالى، ولو قيل هل: أطلقت زوجاتك فقال: نعم وأراد نعم بني فلانٍ يدين في الباطن، ولو حلف ما كاتبت فلانًا ولا كلمته وأراد بالمكاتبة عقد الكتابة وبالكلمة ما