خطأ، لأن الإنسان مأخوذ بموجب إقراره، وإن احتمل ما ذكرتم كما لو أقر بالبيع أو النكاح حُمل على الصحيح، وإن احتمل اعتقاده للصحة فيما هو باطل فإن قيل: لو أخبره رجلٌ بنجاسة الماء قال الشافعي: لا يقبل قوله حتى يتبين فكذلك هاهنا، قيل: لأن الأصل طهارة الماء فلا يزول بقول الغير مع الإجمال وهاهنا يزيل الإباحة بقول صاحب الحق وقول الإنسان يقبل على نفسه فإن قيل: في حق هذا المخبر لا يحكم بنجاسة الماء أيضًا لأنه لو توضأ صح قيل: لأن في الماء يقبل الرجوع لأنه لو أقر بنجاسته، ثم قال: أخطأت ولم يكن نجسًا قبل قوله وهاهنا الرجوع غير مقبول.
فرع آخر
إذا قال: امرأةُ زيد طالق واسمه زيد لم يقع الطلاق على امرأته إلا أن يريدها، ولو قال: نساء الزيدين طوالق وقع الطلاق [٧٠/ ب] على امرأته، والفرق أن في الأول إنما دخل تحت لفظ زوج زيد واحد لا يعينه فوجب الرجوع في بيانه إليه، وفي الثاني: الداخل تحت اللفظ نساء جميع الزيدين فلهذا وجب إدخال هذا القائل تحت هذه اللفظة.
فرع آخر
لو ناداه رجل فقال: يا زيد فقال مجيبًا له: امرأة الزيد طالق وقع الطلاق، وإن أجابه بأنه قال: امرأة زيد طالق لم يقع إلا أن يريد نفسه، والفرق أن في الأول أشار إلى ما تقدم ذكره ألا ترى أنه عرّف زيدًا بالألف واللام فوقع الطلاق على امرأته لأجل الإيقاع أو الإقرار، وفي الثاني: لم يحصل منه ما يقتضي لونه جوابًا لأن هذا الكلام الصادر منه مستقل بنفسه، ولم يوجد منه تعريفه بالألف واللام فلم يقع الطلاق لأن هذا اللفظ يقتضي زيدًا واحدًا فكان الرجوع إليه واحدًا في عينه ويتبين هذا أن لو قال لعبده: اضرب زيدًا فلم يضربه فقال له: اضرب الزيد انصرف إلى المأمور بضربه أولًا ولا يحسن الاستفهام، ولو قال: عند إعادة القول اضرب زيدًا لحسن الاستفهام فدل على الفرق.
فرع آخر
لو قالت لزوجها: طلقني فقال: هبه إني طلقتك أو قال العبد لسيده: اعتقني فقال: هب إني أعتقتك لا يعتقان لأن اعتقاده لا يوقع الحرمة ولا اعتقاده يوقع الطلاق، وأمره بذلك ليس له تأثير في الإيقاع.
فرع آخر
إذا قال لها: أنا مستبرئ رحمي منك ونوى طلاقها لا يقع الطلاق لأن معناها لا يصح فيه محال فتتجرد النية ومجرّد النية لا يوقع الطلاق، ويخالف إذا قال: أنا منك طالق لأن معنى هذا اللفظ صحيح في حق الزوج، وقيل: فيه وجه آخر أنه يقع الطلاق لأن الحق ثابت له في رحمها وصاحب الحق في الشيء يضاف إليه ذلك الشيء.