يحل للأزواج، والعرب تقول: بلغت المدينة يعني قاربت بلوغها وبمعنى حقيقة البلوغ أيضًا، فإن قال قائل: فإذا كان له أن يراجعها بعد الطلاق قبل انقضاء العدة أي: وقت شاء فكيف خص الأمر بالرجعة والقرب من انقضاء العدة؟ قلنا: فائدته أنه هو الوقت الذي إذا راجعها فيه ثم طلقها بعد الرجعة طالت العدة عليها فخص هذا المكان بالذكر لأنه [٧٣/ أ] هو الوقت الذي يصر بها متى راجعها ثم طلقها بعدها لتطول عدتها فإنها تستأنف العدة بعد أن أشرفت على الانقضاء ألا تراه قال: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}[البقرة: ١٣٢].
مسألة: قال: "وللعبدِ منَ الرجعةِ بعدَ الواحدةِ ما للحرِ بعدَ الاثنتين".
الفصل
إذا تزوج الحر بامرأة فقد ملك عليها ثلاث طلقات إن شاء أوقعهن متفرقات أو مجتمعات فإذا أوقع الطلاق على مدخول بها فإنه يملك الرجعة بعد الواحدة والاثنتين مادامت في العدة، فإذا انقضت العدة أو استوفي العدد انقطعت الرجعة، وإذا تزوج العبد بامرأةٍ فله الرجعة بعد الطلقة الواحدة فقط، لأنه لا يملك أكثر من التطليقتين بحال ولا يفترق الحكم فيهما بين أن تكون المرأة حرةً أو أمةً لأن الاعتبار في الطلاق بالرجال دون النساء عندنا وبه قال ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت وعطاء ومالك وأحمد وإسحاق رضي الله عنهم.
وقال أبو حنيفة: الاعتبار بالنساء فيطلق ثلاث تطليقات وتثبت الرجعة بعد الواحدة والاثنتين وإن كان الزوج عبدًا والأمة تطلق طلقتين وتثبت الرجعة فيها بعد الواحدة فقط، وإن كان الزوج حرًا وبه قال الثوري، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه، واحتجوا بما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان". وهذ غلط لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الطلاق بالرجال والعدة بالنساء". وقيل: لا يصح هذا مرفوعًا وإنما هو مرقوف على ابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، وروى أيضًا مثله عن علي رضي الله عنه [٧٣/ ب] وروي أيضًا أن نفيع كان مملوكًا وعنده حرةٌ فطلقها بطلقتين، ثم سأل عثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهما فقالا: طلاقك طلاق عبدٍ وعدتها عدة حرةٍ.