ثم تطهر خمسة عشر يومًا يصير سبعة وأربعين يومًا ثلاثة أطهار وخمسة وأربعين يومًا وحيضان في يومين، فإذا رأت من الحيضة الثالثة لحظة حكما بانقضاء عدتها [٧٤/ ب] وليست هذه اللحظة من العدة على ما بينا، وإن كانت أمةً فأقل ما ينقضي عدتها فيه أحد وثلاثون يومًا ولحظة على التقدير الذي ذكرنا.
فإذا تقرر هذا ينظر فإن صدقها زوجها فلا كلام، وإن كذبها فالقول قولها، فإن حلفت برئت، وإن نكلت عن اليمين حلفت وحكمنا بأن العدة ما انقضت فإن كانت رجعية فله الرجعة وهذا لأنها، وإن كانت أمينة في العدة لا بد من اليمين عند دعوى الجناية كالمدع إذا ادعى تلف الوديعة وأنكره المودع لا بد من اليمين، لو ذكرت ما لا يمكن وهو أنها ادعت انقضاء عدتها في أقل من هذه العدة بالأقراء لم يقبل قولها لأن العادة تشهد بكذبها فيما تدعيه، فإن انصرفت ثم عادت فأقرت بانقضاء عدتها فيما يمكن من وقت الطلاق يقبل منها مع اليمين والأصل في قبول قولها قوله تعالى:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة: ٨٢٢]، فلولا أن يقبل لم تحرج بكتمانه وهو قوله تعالى:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ}[البقرة: ٣٨٢]، فإذا أداها يجب قبولها.
وقال القفال: هذا إذا لم يعرف عادتها أو عرفنا أن عادتها أقل الطهر وأقل الحيض، فإن عرفنا لها عادةً في الطهر والحيض أكثر من ذلك فيه وجهان، أحدهما: لا يقبل قولها في أقل من ذلك لأن الظاهر بخلاف ما قالت، قال الشيخ أبو محمد الجويني: هذا هو المذهب وهو قول علي بن أبي طالب وهو الصحيح عندي، وروي أن امرأةً رفعت إلى شريح القاضي كان زوجها طلقها وقالت: حضتُ ثلاث حيض في خمس وثلاثين يومًا فلم يدر ما يقول فيها فرفع إلى علي رضي الله عنه [٧٥/ أ] فقال: اسألوا جارتها أو جارها فإن كان حيضها كذا انقضت عدتها، والثاني: يقبل لأن ما قالته ممكن والحيض والطهر يتغيران إلى زيادةً ونقصان وعليه أصحابنا بالعراق، وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن طلقها في الطهر فأقل ما تمضي عدتها فيه ستون يومًا وساعة فيأخذ أقل الطهر وأكثر الحيض ويقدر الطلاق في آخر أجزاء الطهر فيحسب الحيض عشرة والطهر خمسة عشر والحيض عشرةً والطهر خمسة عشر، والحيض عشرة وذلك ستون يومًا ويحتاج إلى ساعةٍ يعرف فيه الطهر، وإن كان الطلاق في حال الحيض يزد فيه طهرًا وهو خمسة عشر على تقدير أن الطلاق كان في آخر الحيض فيكون خمسة وسبعين يومًا وساعةً.
وقال أبو يوسف ومحمد: يعتبر أقل الحيض وأقل الطهر كما تقول غير أنه يجعل الإقراء الحيض، وأقل الحيض عنده ثلاثة أيام فأحسب على ذلك فيعتبر تسعة وأربعين يومًا، وقال زفر: أقل ما يقبل قولها في العدة أربعة وسبعون يومًا لأنه اعتبر في أوله طهرًا كاملًا، وإن كانت من ذوات الحمل فذكرت أنها وضعت ما تنقضي به العدة، فإن كان ممكنًا فالقول قولها وأقل ما يمكن ذلك أن يكون بعد عقد النكاح وإمكان الوطئ ثمانون يومًا لأن الإنسان يكون في بطن أمه أربعين يومًا نطفةً ثم أربعين علقةً، فإذا