وبين الله تعالى مثل أن يقول: لا أنيكك أولا أدخل ذكري في فرجك أولا أغيب ذكري في فرجك هذا في البكر والثيب، أو يقول في البكر خاصة لا افتضك بذكري، فإذا حلف بواحد من هذه الألفاظ كان موليا، وإن قال: لم أرد به الإيلاء لم يقبل قوله وهذا أبلغ من تصريح الطلاق لأن قوله لا أنيكك لا يحتمل غير هذا الفعل والطلاق يحتمل غير الطلاق من الوثاق، وكذلك لو قال: لا أجامعك بذكري في فرجك ولم يقل بذكري في قوله لا افتضك، قال أبو حامد: يكون صريحا أيضا. وقال القاضي أبو حامد، والقاضي الطبري: لا يكون صريحا في الباطن، فإن قال: أردت به الافتضاض بالأصبع يقبل لأنه يحمل وهذا أصح.
والضرب الثاني: ظاهره يكون موليا به في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، وهو قوله: لا أجامعك أو أطأك أو لا أصيبك فإن قال: لم أرد به الإيلاء بل أردت لا أطأها برجلي أو لا أجامعها بيدي أو لا أصيبها بيدي لا يقبل منه في الحكم ويقبل منه فيما بين وبين الله تعالى لأنه بين لها عرف العادة في الوطئ فكان إيلاء في الحكم ويحتمل ما نواه فيقبل فيما بينه وبين الله تعالى كما يقول في قوله: أنت طالق ثم قال: أردت من وثاق.
والضرب الثالث: كناية في الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى لقوله لا يجمع رأسي ورأسك شيء أو لا جمعتهما مخدة أو ليطولن تركى جماعك أو لأسؤنك أولاغيظنك ونحو هذا وكل ذلك كناية أن نوى به الإيلاء يكون إيلاء، وإن لم ينو (٩١/ ب) لا يكون شيئا وهذا لأن هذه الأشياء كلها يحتمل الوطئ وغيره وليس مع أحد الاحتمالين ما يرجح به من عرف شرع ولا عادة، وكان كناية بكل حال.
والرابع: مختلف فيه مثل قوله لا باشرتك لا لامستك لا بضاعتك لا غشيتك لا لمستك لا قربتك لا اقضي إليك لا افترشتك ففي هذه الألفاظ قولان، قال في "القديم ": ظاهره الجماع إلا أن يريد عين الجماع بقوله لا أجامعك وبه قال أحمد: وهذا لأنه ثبت فيه عرف الاستعمال، قال الله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة:١٨٧] وقال: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢] وأراد به الجماع. وقال في "الحديد": هو كناية في الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى، كقوله لأسونك فلا يكون إيلاء في الحكم إلا أن يريد الإيلاء، وهذا لأنه حقيقة في غير الجماع لأن المباشرة من التقاء البشرتين وذلك أكثره فيما دون الفرج والقرب من المقاربة واللمس قد يكون بالبدن واليد ويخالف لفظ الجماع، لأنه اقترن به القربى الظاهر.
وقال القاضي الطبري: لفظ الإصابة من هذه الجملة والأصح أنه كناية في الحكم أيضا لأن عرف الاستعمال لم يوجد في الإصابة أيضا فلا يكون صريحا، وهذا ذكره القاضي الماوردي، وقيل: هاهنا ضرب خامس: وهو مالا يكون صريحا ولا كناية