صحة هذه الصلة أنه لو قال: إن أصبتك فعبدي حر كان موليًا، وإن جاز أن يموت عنده أو يبيعه قبل مدة التربص فلا يكون موليًا، ولكن علينا حكم الظاهر مع جواز خلافه كذلك هاهنا. وثلاثة أضرب منها لا يكون موليًا فيها: أحدها: أن يعلقه بما يقطع أنه يكون قبل أربعة اشهر ويجوز أن يزيد عليها مثل أن يقول: حتى تقدم القافلة، والغالب أنها تدخل إلى أيام، فإنها قد قربت من البلد. والثالث: أن يعلقه على ما يجوز وجوده من أربعة أشهر، ويجوز أن يتأخر، وليس أحدهما بأولى من الآخر، مثل أن يقول: حتى يقدم زيد ولا يعرف موضعه [١٠٣/ب] أو يقول: حتى أمرض، أو تمرض، أو يمرض زيد، أو يشاء فلان فلا يكون موليًا، وإن امتد ولم يحصل ذلك إلى أربعة أشهر؛ لأنه لم يقصد الإضرار بها بيمينه، وإنما يكون موليًا إذ كان الغالب الإضرار بها في حال اليمين. ومن أصحابنا من قال: الأمر في هذا موقوف، فإن مضت أربعة أشهر ولم يحصل ذلك بأن أنه كان موليًا، ذكره القفال. ثم اعلم أن المزني ذكر فطام الولد مع نزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة، وموته أو موتها وسوى بين الجميع، وقال: يكون موليًا. وقال في موضع آخر: حتى تفطمي ولدك لا يكون موليًا. قال أبو إسحاق: لا نعرف للشافعي في الفطام ما نقله المزني، والذي نص عليه من كتبه أنه لا يكون موليًا، ومن أصحابنا من تأوله وقال: إذا كان المولود ضعيفًا على صفة الغالب أنه لا يبقى ولا يعيش حتى يرضع أكثر من أربعة أشهر يكون موليًا، وإن كان المولود قويًا يكفيه أقل من ذلك لا يكون موليًا، فالقولان على هذين الحالين. ومنهم من قال: إنه علق اليمين على مدة الفطام وقد بقي إلى مدة الحولين أكثر من أربعة أشهر كان موليًا، وإن علق بفصل الفطام نفسه لا يكون موليًا؛ لأنها قد تفطمه قبل أربعة أشهر إذا أمكن ذلك، فالقولان على هذين الحالين. ثم اختار المزني أنه لا يكون موليًا في قوله:"حتى يموت فلان" كما لا يكون موليًا في قوله: "حتى يقدم فلان" لاحتمال كونه قبل أربعة أشهر، وقد بينا الفرق بينهما، هو أن الموت مستبعد عند الناس بخلاف القدوم من مسافة قريبة.
ومن أصحابنا من قال: في قوله: "حتى يقدم فلان" إن كانت عادته أنه يقدم من سنة إلى سنة مع الحجاج كان موليًا اعتبارًا بغالب العادة كالموت سواء.
قال: وقد قال الشافعي: [١٠٤/أ]"حتى تحبلي فليس بمول" قلنا: فيه ثلاث مسائل: أحدهما: أن تكون شابة تحيض وتطهر ولا يكون موليًا؛ لأنه يحتمل أن تحبل قبل أربعة أشهر في الغالب، والحبل قد يكون من دون الوطئ باستدخال. والثانية: أن يكون لها تسع سنين، فهذه يحتمل أنها تحبل على أربعة أشهر، ويحتمل غيره، والغالب أنها لا تحبل في العادة فيكون موليًا. والثالثة: أن تكون صغيرة لم تحض، أو كبيرة قد يئست من الحيض، فهذه قد يقطع أنها لا تحبل إلى أربعة أشهر فيكون موليًا.