أو يكون مشتدًا قويًا يمكن قطع رضاعته قبل أربعة أشهر، والأول أصح، وبه قال الجمهور؛ لأن قطعها لرضاعه ممكن وإن منع منه الشرع، والإيلاء متعلق بإمكان الفعل لا بجوازه في الشرع. وحكي عن مالك: لا يكون موليًا بكل حال؛ لأنه قصد منفعة الولد وهذا غلط؛ لأن الإضرار حاصل قبل اليمين فلا يعتبر غرضه، وعلى هذا لو علقه بما يمكنه فعله ولكن يمنع الشرع منه، كقوله:"حتى تقتل أخاك" لم يكن موليًا على معنى قول ابن سريج؛ لأنها تقدر على قتله في الحال، وكان موليًا على قول غيره؛ لأن الشرع يمنع من قتله.
ومن هذا القسم:"حتى تخرج إلى الحج". فإن أراد زمان الخروج المعهود كان موليًا إذا بقي إليه أكثر من أربعة أشهر، وإن أراد به فعلها للخروج لم يكن موليًا. والسادس: ما يختلف باختلاف زمانه، كقوله:"حتى يسقط الثلج أو يجمد الهواء". فإن كان في الشتاء لم يكن موليًا، وإن كان في الصيف، فإن كان في آخره والباقي آلي الشتاء أقل من أربعة أشهر لم يكن موليًا، وإن كان من أوله كان موليًا. ولو قال:"حتى يجيء المطر" فمن أصحابنا من جعله في أول الصيف كالثلج يكون به موليًا لتعذره في الأغلب. ومن أصحابنا من قال: لا يكون به موليًا؛ لأن المطر قد يجيء في الضيف والثلج لا يكون في الصيف. وأما في البلاد التي يعهد فيها المطر صيفًا وشتاءً كبلاد طبرستان لا يكون موليًا فيها بلا خلاف.
والسابع: فلا يكون به موليًا لتكافؤ أحواله، كقول:"حتى يبرأ هذا المريض أو يمرض هذا الصحيح أو تتعلمي الكتابة، أو يطلق فلان زوجته" لا يكون موليًا. والثامن: ما لا يكون به موليًا لكونه قبل أربعة أشهر، [١٠٥/ب] كقوله: "حتى تذبل هذه البقلة، أو يحمص هذا العجين، أو تنضج هذه القدر" ونحو ذلك.
مسألة: قال: "ولو قال: والله لا أقربك إن شئت فشاءت في المجلس فهو مولٍ".
إذا قال لها: والله لا أقربك إن شئت فقد علق "الإملاء" بصفة وهي مشيئتها أن لا يقربها، وانعقادها بأن يشاء بأن لا يقربها، فإذا ثبت هذا نظر، فإن لم تشأ أصلاً أو شاءت في غير زمان المشيئة لم ينعقد الإيلاء، وإن شاءت في وقت المشيئة انعقدت يمين ووقت المشيئة. قال الشافعي في "المجلس" واختلف أصحابنا فيه على وجهين. وقال أبو إسحاق: زمان المشيئة أن يكون كلامها جوابًا لكلامه، كالقبول في البيت. وقول الشافعي معناه في مجلس المشيئة. ومن أصحابنا من تمسك بظاهره فقال: زمان المشيئة ما لم يتفرقا عن مجلسهما، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم. وقال مالك: لا يكون موليًا، وهذا غلط، لأنها غير مختارة لبقائه عليه والتمسك به، فكان موليًا لهذا، ويقول باختيارنا لا يسقط حقها، كما لو وقف بعد أربعة أشهر فقالت: رضيت بترك حقي لم