للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقدر عليها بالوطئ ويؤخر المطالبة إلى زوال العذر؛ لأن الضرر بترك الوطئ لا يزول بالفيئة باللسان، وهذا غلط، لأن القصد بالفيئة ترك ما قصد إليه من الإضرار، وقد ترك القصد إلى الإضرار بما أتى به من الأعذار، ولأن القول مع العذر يقوم مقام الفعل مع القدرة، ولهذا نقول: إشهاد الشفيع على طلب الشفعة في حال العيبة يقوم مقام الطلب في حال الحضور في إثبات الشفعة. فإذا تقرر هذا، وفاء باللسان [١١٤/أ] ثم قدر بعد ذلك على الوطئ طولب به ولا يستأنف به المدة. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: يستأنف له المدة؛ لأنه وفاها حقها بما أمكنه من الفيئة، فلا يطالب بعد إلا باستئناف المدة، كما لو طلقها ثم أرجعها، وهذا غلط؛ لأنه أخر حقها لعجزه عنه، فإذا قدر عليه يلزمه إيفاؤه، كما لو قدر المعسر على قضاء الدين. وأما ما ذكره لا يصح؛ لأنه ما وفاها حقها، بل وعدها إيفاء الحق.

مسألة: قال: "ولو جامع في الأربعة الأشهر خرج من حكم الإيلاء وكفر عن يمينه".

إذا وطئ المولي نظر، فإن كان وطئه بعد انقضاء المدة فقد وفاها حقها، وهل تلزمه الكفارة؟ قد ذكرنا قولين. وإن كان وطئه قبل انقضاء المدة فقد خرج من حكم الإيلاء وحنث في يمينه، وهل تلزمه الكفارة؟ فيه طريقان: أحدهما: تلزمه قولاً واحدًا، ويفارق بعد المدة لأن الوطء قبل المدة غير واجبة عليه فوجبت الكفارة به، وبعد انقضاء المدة واجبة، فجاز أن لا تحب به الكفارة. والثاني: فيه قولان أيضًا؛ لأن بهذا الوطئ خرج عن حكم الإيلاء أيضًا، والآية عامة من الكل، وهذه الطريقة الأصح؛ لأن الكفارة تجب من حنث الطاعة والواجب لوجوبها من حيث المعصية.

فرع

لو إلى أقل من أربعة أشهر ثم وطئ هل تلزمه الكفارة؟ قال القفال: فيه طريقان؛ أحدهما: يلزمه قولاً واحدًا. والثانية: فيه قولان.

مسألة: قال: "ولو قال: أجلني في الجماع لم يؤجله أكثر من يوم".

إذا طولب المولى فقال: أجلوني، لا يختلف المذهب أنه لا يؤجل؛ لأنه لا يكلف الوطئ في مجلس الحكم فلا بد من التأجيل، ثم فيه قولان: أحدهما: يؤجل ثلاثة أيام؛ لأنه أكثر حد القليل وأول حد الكثير، فيحتاج أن يراجع نفسه وينظر غبطته في أحد الأمرين، ولا يأتي ذلك إلا من هذه المرة. والثاني وهو الصحيح: [١١٤/ب] أنه يؤجل بمقدار الحاجة، فإن كان صائمًا فحتى يفطر، وإن كان جائعًا فحتى يشبع، وإن يؤجل بمقدار الحاجة، فإن كان صائمًا فحتى يفطر، وإن كان جائعًا فحتى يشبع، وإن كان شبعانًا فحتى يهضم الطعام لئلا يلحقه ضرر الجماع ولا تقدير فيه، وهو اختيار المزني وقول الشافعي "أجله يومًا" لم يرد به التقدير باليوم، بل ذكر ذلك على قدر

<<  <  ج: ص:  >  >>