تبين بالطلاق عقيب الظهار. ولو طلق عقيب الظهار وأسلمت عقيبه وافق إسلامها زمان الطلاق، فمنع ذاك نفوذ الطلاق؛ لأنه صادف زمان البينونة، كما لو قال: إن شئت فأنت طالق فمات لا يقع الطلاق، وإن كان إسلامها بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة، ولا يكون عائدًا؛ لأنهما جارية إلى بينونة، فإن أسلم بعد انقضاء العدة فلا كلام، وإن أسلم قبل انقضائها اجتمعا على النكاح، وهل يكون عائدًا بالإسلام أو بالإمساك بعده مع قدرته على الطلاق؟ اختلف أصحابنا فيه. فقال ابن أبي هريرة: لا يصير عائدًا إلا بالإمساك بعده. قال: ونص الشافعي على أن الرجعة عود دون الإسلام، فقال:"إذا ظاهر من امرأته وارتد، ثم عاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدة فحسبما قدر ما يمكنه الطلاق لزمته الكفارة، فشرط ذلك الإمساك بعد الإسلام، وفرق بينهما بأن القصد من الإسلام الدين دون استباحة الفرج، فلم يكن عائدًا، وليس كذلك الرجعة، فإن المقصود منها استباحة الفرج، فكان عائدًا بها.
ومن أصحابنا من قال: يصير عائدًا بنفس الإسلام كما بالرجعة والأول أصح. وقال القاضي الطبري: رأيت في البويطي يقول: فإن رجع في العدة فالكفار لازمة فجعل الرجوع عود، وإن أسلم الزوج عقيب الظهار لم تخل المرأة من أحد أمرين؛ إما أن تكون كتابية أو لا تكون، فإن كانت كتابية فهما على الزوجية، ولكنه قد عاد لأنه أمكنه الطلاق [١٢٦/ ب] عقيب الظهار فلم يفعل، وإن لم تكن كتابية نظر، فإن كان قبل الدخول بها بانت في الحال ولم يكن عائدًا، وإن كان بعد الدخول لم يكن عائدًا؛ لأنه أجراها إلى البينونة كما لو طلقها، فإن أسلمت لم يكن إسلامها عودًا منه؛ لأن إسلامها اجتماع على الزوجية لا من جهته، ولكن متى أمسكها عقيب إسلامها مدة يمكنه طلاقها فهو عود، وهكذا إذا ظاهر مسلم من امرأته المسلمة فارتد الزوج عقيبه أو ارتدت المرأة لا فرق بينهما.
مسألة: قال: "أوفي مدةٍ يمكنهُ رجعتَها".
يصح الظهار من الرجعية؛ لأنه يصح طلاقها ولا يكون عائدًا؛ لأنها جارية إلى بينونة، ثم إذا راجعها يصير عائدًا وتلزمه الكفارة، ونفس الرجعة عود، وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى: "مراجعته إياها بعد الطلاق أكثر من حبسها بعد الظهار". وقال بعض أصحابنا: فيه قولان؛ أحدهما قاله في "الأم"، وهو ما ذكرناه. والثاني: قاله في "الإملاء" لا يكون نفسها عودًا؛ لأن العود إمساكها بعد ردها، فأما الرجعة نفسها رد الإمساك ما كان بعد الرد، فإذا قلنا بالأول فإن طلقها عقيب الرجعة لم تسقط الكفارة، وإذا قلنا بالثاني تسقط الكفارة، وإن لم يراجعها حتى انقضت العدة ثم تزوج بها هل يعود الظهار؟ فيه ثلاثة أقوال ذكرناها في كتاب النكاح.
فإذا قلنا: يعود فنفس النكاح هل يكون عودًا على هذين القولين يخرجا. قال