للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المقصود تكميل العتق في الرقبة وقد تكامل وإن كان زمانين. وقال أبو حنيفة: لا يجوز عتق المشترك عن كفارته موسرًا كان أم معسرًا؛ لأنه إذا أعتق نصبه صار عتق الباقي مستحقا على مالكه فلا يجزئ عن الكفارة كأم الولد، وهذا غلط؛ لأنه معتق لجميعه لأنه يسري إلى الباقي قد صادف رقًا تمامًا فجاز بلا خلاف أم الولد. فإن قيل: عندكم إذا استحق العتق عن جهة لا يجوز عن الكفارة، فكيف جوز تم ها هنا؟ قلنا: إنما لا تجوز إذا لم تقارن النية سبب الاستحقاق وها هنا قارنته فجاز، كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت حر عن كفارتي جاز. فإن قيل: فيجب إذا نوى المعتق عن الكفارة عند عتق الكتابة عليه يجوز. قلنا: المانع ها هنا عن الجواز كون المعتق واقعًا بعوض ولا يجوز ذلك بالإجماع.

مسألة: قال: "ولو أعتقهُ على أَنْ جعلَ لهُ رجلٌ عشرةَ دنانيرِ لمْ يجزئهُ".

إذ قال رجل: اعتق عبدك عن ظهارك ولك عليّ عشرة دنانير فأعتقه على عشرة دنانير لم يجزه عن ظهاره؛ لأنه اعتقه على جعل، ويقع العتق [١٥١/ ب] عن الباذل للعشرة وللمعتق العشرة والولاء للباذل، ولا فرق بين أن يقدم ذكر العشرة على الظهار أو يقدم ذكر الظهار على العشرة، مثل أن يقول: أعتقت عبدي عن ظهاري على أن يكون عليك عشرة، أو يقول: أعتقت عبدي على أن عليك عشرة عن ظهاري. ومن أصحابنا من فرق بينهما فقال: إذا قدم ذكر الظهار أجزأه عنه ولم يستحق العشرة، وإن قدم ذكر العشرة استحقها ولم يجزئه عن الظهار، وهذا ضعيف؛ لأن الشرط في الإيجاب لا يثبت ما لم يتم الكلام ويقطع عليه وأتم الكلام ها هنا على العشرة.

وقال القفال: هل يستحق عليه العشرة؟ وجهان؛ أحدهما: يستحق كما في الطلاق إذا قال: طلق امرأتك على عشرة. والثاني: لا يستحق كما لو قال: بعه من فلان ولك علي عشرة. ومن قال بالأول فرق بأن له غرضًا في عتق العبد ولا غرض له في بيع ذلك من فلان، فصار كما لو قال: ألق متاعك في البحر على أني ضامن صح إذا كان خوف غرق؛ لأن له فيه غرضًا، ولا يصح ذلك إذا لم يكن ذلك الخوف ولا سبب صحيح، وعلى كلا الوجهين لا يجوز عن الكفارة؛ لأنه لم تتمخض بينة عن الكفارة، فعلى احد الوجهين استحقاق المخض يمنع الأجزاء، وعلى الوجه الثاني فساد النية. يمنع الأجزاء وهذا حسن، ولكن المشهور ما تقدم وقال بعض أصحابنا بالعراق: كيف تلزمه العشرة وهو لم يرض بإعتاقه عنه، وينبغي أن تكون التسمية فاسدة لبطلان الشرط الذي شرطه؟ ذكره صاحب "الشامل".

مسألة: لو قالَ المعتقُ فِي هذهِ المسألة: لا أريد العوضَ أعتقته عنْ ظهارى جازَ بلا إشكالٍ؛ لأنه تمخضَ العتقُ عنَ الكفارةُ.

ولو قال في جوابه: أعتقته عن كفارتك فالحكم على ما ذكرنا؛ لأن الإيجاب مبني

<<  <  ج: ص:  >  >>