تجارة، أو كسب صناعة. فأما استغلال العقار فقد يكون تارة أرضًا تزرع، وتارة شجرة تستثمر، وتارة أبنية تؤجر، ومثله أن يكون ماشية تحتلب فإن ملك منها ما يكون غلته وفق كفايته من غير زيادة كانت هذه الأصول من جملة كفايته فيجزيه الصوم ولا يلزمه العتق، وإن كانت تزيد على كفاييته يلزمه صرف الزيادة إلى العتق، فإن نقصت عن قيمة رقبة يجزيه الصوم، وأما ربح التجارة إن كان يملك من رأس المال ما يكون ربحه وفق كفايته كان رأس المال من جملة الكفاية، ويكفر بالصوم، وإن زاد تلزمه الرقبة من الزيادة، وأما كسب الصناعة فإن كان وفق الكفاية يجوز الصوم، وإن كان لكثر ينظر فإن كان لا يجتمع قيمة الرقبة إلا في زمان طويل ينسب فيه إلى تأخير التكفير عن وقته لم يلزمه جمعها للعتق، وله أن يكفر بالصوم، وإن كان يبلغ قيمة الرقبة في ثلاثة أيام فما قاربها، ففي وجوب جمعها للتكفير بالعتق وجهان أحدهما يلزمه جمعها والتكفير بالعتق لأن قادر عليه، والثاني وهو الأشبه لا يلزمه [١٦١/ أ] ذلك ويجوز أن يكفر بالصوم لأنه في وقت وجوب العتق غير قادر فعلى هذا إن لم يدخل في الصوم حتى جمع فاضل الكسب فبلغ قيمة الرقبة فيه قولان بناءً على أن الاعتبار بوقت الوجوب أو بوقت الأداء.
مسألة: قال: "فإنْ أفطرَ مِنْ عذرٍ أو غيرهِ، أو صامَ فيهَا تطوعًا".
الفصل
إذا أراد أن يصوم شهرين عن الظهار أو الجماع في رمضان أو القتل يلزمه أن يتابع بين أيامها ولا يفطر ولا يصوم من غيرها فإن أفطر لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون بعذر، أو بغير عذر، فإن كان بغير عذر لزمه الاستئناف، وإن كان لعذر؛ فالعذر على ثلاثة أضرب: حيض، ومرض، وسفر. فأما الحيض فلا يقطع التتابع قولًا واحدًا لأنه ينافي الصوم من غير أن يكون لها فيه صنع بوجه، ولا يمكن الاحتراز منع في شهرين، وأما المرض ففيه قولان؛ أحدهما قاله في "القديم" أنه مثل الحيض لا يقطع التتابع، وبه قال أحمد ومال، واختاره المزني، وروي ذلك عن ابن عباس، ووجه هذا أنه أفطر بسبب لا يتعلق باختياره فأشبه إذا أفطرت بالحيض ولهذا سوي بين حكم المرض والحيض في الفطر في صوم رمضان، والثاني: قاله في "الجديد" وهو قول أبي حنيفة أنه يقطع التتابع لأن المريض يفطر بفعله واختياره بخلاف الحائض. وأما السفر فإن قلنا المرض يقطع التتابع فالسفر أولى لأن الفطر وسبب الفطر كانا باختياره. وإن قلنا: المرض لا يقطعه ففي السفر قولان؛ أحدهما: لا يقطع لأن الله تعالى سوى بينه وبين المرض في إباحة الفطر في رمضان وجعلهما عذرين فيه كذلك هاهنا، والثاني: يقطع لأن السفر كان باختياره بخلاف المرض. وقال القاضي الطبري: الصحيح أنه